للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: (وَالْفرق بَين مَذْهَبهم وَمذهب السّلف من وَجْهَيْن:

أَحدهمَا: أَن السّلف لَا يخرجُون الْفَاسِق عَن مُطلق الْإِيمَان.

وَالثَّانِي: اندراج المندوبات فِي مُسَمّى الْإِيمَان) انْتهى.

قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْفضل: (والفارق بَينهم وَبَين السّلف: أَنهم جعلُوا الْأَعْمَال شرطا فِي صِحَّته، وَالسَّلَف جعلوها شرطا فِي كَمَاله. - قَالَ -: وَهَذَا كُله كَمَا قُلْنَا بِالنّظرِ إِلَى مَا عِنْد الله، أما بِالنّظرِ إِلَى مَا عندنَا، فالإيمان هُوَ: الْإِقْرَار فَقَط، فَمن أقرّ أجريت عَلَيْهِ الْأَحْكَام فِي الدُّنْيَا، وَلم يحكم عَلَيْهِ بِكفْر إِلَّا أَن اقْترن بِهِ فعل يدل على كفره / كالسجود للصنم، فَإِن كَانَ الْفِعْل لَا يدل على الْكفْر كالفسق، فَمن أطلق عَلَيْهِ الْإِيمَان فبالنظر إِلَى إِقْرَاره، وَمن نفى عَنهُ الْإِيمَان فبالنظر إِلَى كَمَاله، وَمن أطلق عَلَيْهِ الْكفْر فبالنظر إِلَى فعل الْكَافِر، وَمن نَفَاهُ عَنهُ فبالنظر إِلَى حَقِيقَته، وأثبتت الْمُعْتَزلَة الْوَاسِطَة فَقَالُوا: (الْفَاسِق لَا مُؤمن وَلَا كَافِر) انْتهى.

قَوْله: وَعند أبي حنيفَة، وَأَصْحَابه، وَغَيرهم الْجَهْمِية، والمرجئة، والكرامية -: إِيمَان النَّاس كلهم سَوَاء، لَا يزِيد وَلَا ينقص، وَلَا اسْتثِْنَاء فِيهِ، وَقَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي فِي الأولى.

فِي ضمن هَذَا الْكَلَام مَسْأَلَتَانِ: مَسْأَلَة زِيَادَة الْإِيمَان ونقصانه، وَمَسْأَلَة الِاسْتِثْنَاء فِيهِ، فَالْكَلَام الْمُتَقَدّم على معنى الْإِيمَان وَهِي الْمَسْأَلَة الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>