للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَازِمًا بحصوله، لَكِن لَا يُؤمن أَن يشوبه شَيْء من منافيات النجَاة، وَلَا سِيمَا عِنْد تفاصيل الْأَوَامِر والنواهي الصعبة، الْمُخَالفَة للهوى والمستلذات، من غير علم لَهُ بذلك، فَلذَلِك يُفَوض حُصُوله إِلَى مَشِيئَة الله.

وَهَذَا قريب، لَوْلَا مُخَالفَته لما يَدعِيهِ الْقَوْم من الْإِجْمَاع، قَالَه فِي " شرح الْمَقَاصِد ".

الْوَجْه الثَّالِث: - مَا قَالَه إِمَام الْحَرَمَيْنِ -: (أَن الْإِيمَان ثَابت فِي الْحَال قطعا من غير شكّ فِيهِ، لَكِن الْإِيمَان الَّذِي هُوَ علم الْفَوْز وَآيَة النجَاة: إِيمَان الموافاة، فاعتنى السّلف بِهِ وقرنوه بِالْمَشِيئَةِ، وَلم يقصدوا الشَّك فِي الْإِيمَان الناجز) .

وَقَالَ بعض الْمُحَقِّقين: (النَّاس فِي هَذِه الْمَسْأَلَة على ثَلَاثَة أَقْوَال، طرفان ووسط: مِنْهُم من يُوجِبهُ، وَمِنْهُم من يحرمه، وَمِنْهُم من يُجِيزهُ بِاعْتِبَار ويمنعه بِاعْتِبَار، وَهَذَا أصح الْأَقْوَال.

أما من يُوجِبهُ فَلهم مأخذان:

أَحدهمَا: أَن الْإِيمَان هُوَ مَا مَاتَ عَلَيْهِ الْإِنْسَان، وَالْإِنْسَان إِنَّمَا يكون عِنْد الله مُؤمنا أَو كَافِرًا بِاعْتِبَار الموافاة، وَمَا سبق فِي علم الله أَن يكون عَلَيْهِ، وَمَا قبل ذَلِك لَا عِبْرَة بِهِ، وَالْإِيمَان الَّذِي يتعقبه الْكفْر فَيَمُوت صَاحبه كَافِرًا لَيْسَ بِالْإِيمَان، كَالصَّلَاةِ الَّتِي أفسدها صَاحبهَا قبل الْكَمَال، وَالصِّيَام الَّذِي يفْطر صَاحبه قبل الْغُرُوب، وَهَذَا مَأْخَذ كثير من الْكلابِيَّة وَغَيرهم، وَعند

<<  <  ج: ص:  >  >>