للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَأما الْحل: فَهُوَ أَنَّهَا وَإِن لم يتَّفق اسْتِعْمَالهَا إِلَّا كَذَلِك لأمر مَا عرض، فَغير مَشْرُوط فِي وَضعهَا دَالَّة ذَلِك، لما علم أَن " ذُو " بِمَعْنى صَاحب، وَيفهم مِنْهُ عِنْد الْإِفْرَاد ذَلِك، لَكِن وَضعه لَهُ لغَرَض مَا، وَهُوَ التواصل بِهِ إِلَى الْوَصْف بأسماء الْأَجْنَاس فِي نَحْو: زيد ذُو مَال، وَذُو فرس، فَوَضعه ليتوصل بِهِ إِلَى ذَلِك، هُوَ الَّذِي اقْتضى ذكر الْمُضَاف إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَو ذكر دونه لم يدل على مَعْنَاهُ.

نعم لم يحصل الْغَرَض من وَضعه، وَالْفرق بَين عدم فهم الْمَعْنى، وَبَين عدم فَائِدَة الْوَضع مَعَ فهم الْمَعْنى ظَاهر.

وَكَذَلِكَ " فَوق "، وضع لمَكَان لَهُ علو، وَيفهم مِنْهُ عِنْد الِانْفِرَاد ذَلِك، لَكِن وَضعه لَهُ ليتوصل إِلَى علو خَاص اقْتضى ذكر الْمُضَاف إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ بَاقِي الْأَلْفَاظ.

وَإِذ قد تحقق ذَلِك؛ فَنَقُول: الْحَرْف مَا وضع بِاعْتِبَار معنى عَام، وَهُوَ نوع من النِّسْبَة: كالابتداء والانتهاء، لكل ابْتِدَاء وانتهاء معِين بِخُصُوصِهِ.

وَالنِّسْبَة لَا تتَعَيَّن إِلَّا بالمنسوب إِلَيْهِ، فالابتداء الَّذِي لِلْبَصْرَةِ يتَعَيَّن بِالْبَصْرَةِ، والانتهاء الَّذِي للكوفة يتَعَيَّن بِالْكُوفَةِ، فَمَا لم يذكر مُتَعَلّقه لَا يتَحَصَّل فَرد من ذَلِك النَّوْع [الَّذِي] هُوَ مَدْلُول الْحَرْف لَا فِي الْعقل وَلَا فِي الْخَارِج، وَإِنَّمَا يتَحَصَّل بالمنسوب إِلَيْهِ، فيتعقل بتعقله، بِخِلَاف مَا وضع للنوع بِعَيْنِه: كالابتداء والانتهاء، وَبِخِلَاف مَا وضع لذات مَا بِاعْتِبَار نِسْبَة نَحْو: " ذُو " و " فَوق "، و " على " و " عَن " و " الْكَاف " إِذا أُرِيد بهَا علو وَتجَاوز وَشبه مُطلقًا، فَهُوَ كالابتداء والانتهاء) انْتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>