للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لما فَرغْنَا من ذكر مَا يستمد مِنْهُ من اللُّغَة، شرعنا فِي ذكر مَا يستمد مِنْهُ من الْأَحْكَام.

إِذْ لَا بُد من حَاكم، وَحكم، ومحكوم فِيهِ، ومحكوم عَلَيْهِ، وَالْكَلَام الْآن فِي الحكم. فالحسن والقبح يُطلق لثلاث اعتبارات:

أَحدهَا: مَا يلائم الطَّبْع وينافره، كَقَوْلِنَا: إنقاذ الغريق حسن، واتهام البريء قَبِيح، وَالصَّوْت الطّيب حسن بِهَذَا الْمَعْنى، وَالصَّوْت الكريه قَبِيح.

الثَّانِي: صفة الْكَمَال والمقص، كَقَوْلِنَا: الْعلم حسن، وَالْجهل قَبِيح.

[فالحسن والقبح] بِهَذَيْنِ الاعتبارين عقليان بِلَا نزاع، أَي: أَن الْعقل يسْتَقلّ بإدراكهما من غير توقف على الشَّرْع.

الثَّالِث: بِمَعْنى: الْمَدْح وَالثَّوَاب، والذم وَالْعِقَاب، شَرْعِي، فَلَا حَاكم إِلَّا الله، فالعقل لَا يحسن وَلَا يقبح، وَلَا يُوجب وَلَا يحرم، عِنْد الإِمَام أَحْمد، وَأكْثر أَصْحَابه، والأشعرية، وَبَعض الْجَهْمِية.

قَالَ أَبُو الْخطاب وَابْن عقيل: (هُوَ مَذْهَب أَكثر أَصْحَابنَا) .

زَاد ابْن عقيل: (هُوَ مَذْهَب أَحْمد، وَأهل السّنة، وَالْفُقَهَاء، وَالْقَاضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>