للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العنكبوت: ٤٦]، وكقوله: {إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا} [النمل: ١١]، ونحو قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} [النساء: ٩٢] قال أبو عبيدة بن المثنى: «إلَّا» بمعنى الواو؛ لأنه لا يجوز للمؤمن قتل المؤمن عمدًا ولا خطأ، ومن الاستثناء ما يشبه المنقطع كقوله: {وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٦١)} [يونس: ٦١]، فقوله: «إلَّا في كتاب» منقطع عما قبله؛ إذ لو كان متصلًا لكان بعد النفي تحقيقًا، وإذا كان كذلك وجب أن يعزب عن الله تعالى مثقال ذرة وأصغر وأكبر منها إلَّا في الحال التي استثناها، وهو قوله: «إلَّا في كتاب مبين»، وهذا لا يجوز أصلًا، بل الصحيح الابتداء بـ «إلَّا» على تقدير الواو، أي: وهو أيضًا في كتاب مبين، ونحو ذلك قوله: {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٥٩)} [الأنعام: ٥٩]، ومعنى «فليس من الله في شيء»، أي: ليس من توفيق الله وكرامته في شيء، أو ليس فيه لله حاجة، أي: لا يصلح لطاعته، ولا لنصرة دينه، وقال الزجاج: معناه من يتول غير المؤمنين فالله بريء منه.

{تُقَاةً} [٢٨] حسن، وقال أبو عمرو: كاف.

{نَفْسَهُ} [٢٨] كاف.

{الْمَصِيرُ (٢٨)} [٢٨] تام.

{يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [٢٩] كاف؛ لاستئناف ما بعده، وليس معطوفًا على جواب الشرط؛ لأنَّ علمه تعالى بما في السموات وما في الأرض غير متوقف على شرط، ومثله «وما في الأرض».

{قَدِيرٌ (٢٩)} [٢٩] كاف إن نصب «يوم» باذكر مقدرًا مفعولًا به، وليس بوقف إن نصب بـ «يحذركم» الأولى، وكذا إن نصب بـ «المصير»؛ للفصل بين المصدر ومعموله، كأنه قال: تصيرون إليه يوم تجد كل، ومن حيث كونه رأس آية يجوز، ويضعف نصبه بـ «قدير»؛ لأنَّ قدرته تعالى على كل شيء لا تختص بيوم دون يوم، بل هو متصف بالقدرة دائمًا، ويضعف نصبه بـ «تودُّ»، أي: تودُّ يوم القيامة حين تجد كل نفس خيرها وشرها تتمنى بُعْدَ ما بينها وبين ذلك اليوم وهوله.

{مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا} [٣٠] تام إن جعلت «ما» مبتدأ، وخبرها «تود»، ومن جعلها شرطية وجوابها «تود» لم يصب، ولم يقرأ أحد إلَّا بالرفع، ولو كانت شرطية لجزم «تود»، ولو قيل: يمكن أن يقدر محذوف، أي: فهي تود، أو نوى بالمرفوع التقديم، ويكون دليلًا للجواب لا نفس الجواب -لكان في ذلك تقديم المضمر على ظاهره في غير الأبواب المستثناة، وذلك لا يجوز، وقراءة عبد الله (١): «من سوء ودت» تؤيد كون ما شرطية مفعولة بعملت، وفي الكلام حذف تقديره: تسر به، ومن سوء محضرًا


(١) وهو عبد الله بن مسعود، وكذا رويت عن ابن أبي عبلة، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (٢/ ٤٣٠)، الكشاف (١/ ١٨٤)، المعاني للفراء (١/ ٢٠٧)، تفسير الرازي (٢/ ٤٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>