للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة والسلام، ولا يخفى أنَّ المذكور في الآية الشريفة إنما هو عيسى؛ لكون الكلام مع اليهود الذين كفروا به، وراموا قتله، وما في خط شيخ الإسلام، وفي النسخ القديمة موسى، لعله سبق قلم، أو تصحيف من النساخ، وفي ترتيب هذه الأخبار الأربعة أعني: «متوفيك»، «ورافعك إليَّ»، «ومطهرك»، و «وجاعل» ترتيب حسن؛ وذلك أنَّ الله تعالى بشره أولًا بأنه متوفيه ومتولي أمره، فليس للكفار المتوعدين له بالقتل سلطان ولا سبيل، ثم بشره ثانيًا بأنه رافعه إليه، أي: إلى سمائه محل أنبيائه وملائكته، ومحل عبادته؛ ليسكن فيها، ويعبد ربه مع عابديه، ثم ثالثًا بتطهيره من أوصاف الكفرة وأذاهم، وما قذفوه به، ثم رابعًا برفعة تابعيه على من خالفه؛ ليتم بذلك سروره، وقدم البشارة بنفسه؛ لأنَّ الإنسان بنفسه أهم، قال تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}

[التحريم: ٦]، وفي الحديث: «ابدأ بنفسك، ثم بمن تعول» (١).

{يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [٥٥] جائز.

{تَخْتَلِفُونَ (٥٥)} [٥٥] كاف؛ للتفصيل بعده.

{وَالْآَخِرَةِ} [٥٦] كاف أيضًا؛ للابتداء بالنفي.

{مِنْ نَاصِرِينَ (٥٦)} [٥٦] تام.

{أُجُورَهُمْ} [٥٧] حسن.

{الظَّالِمِينَ (٥٧)} [٥٧] كاف؛ لأنَّ «ذلك» مبتدأ، و «من الآيات» في محل رفع خبر.

{الْحَكِيمِ (٥٨)} [٥٨] تام.

{كَمَثَلِ آَدَمَ} [٥٩] حسن، وليس بتام، ولا كاف؛ لأنَّ «خلقه من تراب» تفسير للمثل، وهو متعلق به، فلا يقطع منه، وقال يعقوب: تام، و «خلقه من تراب» مستأنف، وإنما لم يكن خلقه متصلًا به؛ لأنَّ الإعلام لا يتصل بها الماضي، فلا تقول: مررت بزيد قام؛ لأنَّ قام لا يكون صفة لزيد ولا حالًا؛ لأنه قد وقع وانقطع، فإن أضمرت في الكلام قد جاز أن يتصل الماضي بالإعلام؛ لأنَّ الجمل بعد المعارف أحوال، وفي جملة «خلقه من تراب» وجهان: أظهرهما: أنها مفسرة لوجه التشبيه، فلا محل لها من الإعراب، والثاني: أنها في محل نصب على الحال من «آدم»، و «قد» معه مقدرة؛ لتقربه من الحال؛ والعامل فيها معنى التشبيه والضمير في «خلقه» عائد على «آدم»، لا على «عيسى»؛ لفساد المعنى.

{كُنْ} [٥٩] جائز؛ لاستئناف ما بعده، وما بعد الأمر ليس جوابًا له، وإنما أراد تعالى، فهو يكون


(١) قال الألباني: حديث "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول" صحيح. وهو مركب من حديثين في الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: (أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ)، وَلِمُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ الْمُدَبَّرِ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، (ابْدَأْ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِك).

<<  <  ج: ص:  >  >>