للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الاستئناف؛ فلذلك انقطع عما قبله، وليس بوقف على قراءة الكسائي من نصب ما بعد الفاء (١)، وذلك أن ما بعدها معطوف على ما عملت فيه «كن»، واختلف في المقول له «كن»، فالأكثر على أنَّه «آدم»، وعليه يسئل، ويقال: إنما يقال له: «كن» قبل أن يخلقه، لا بعده، وهنا «خلقه»، ثم قال له: «كن»، ولا تكوين بعد الخلق؟ فالجواب: أنه تعالى أخبرنا أولًا بأنه خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى، ثم ابتدأ خبرًا آخر فقال: إني مخبركم بعد خبري الأول أني قلت له: كن فكان مثل قوله:

إنَّ مَنْ سَادَ ثُمَّ سَادَ أَبُوهُ ... ثُمَّ قَدْ سَادَ قَبْلَ ذَلِكَ جَدُّهُ (٢)

ومعلوم أن الأب متقدم عليه، والجد متقدم على الأب، فالترتيب يعود إلى الخبر، لا إلى الوجود.

{فَيَكُونُ (٥٩)} [٥٩] تام.

{الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} [٦٠] جائز، أي: الذي أنبأك به في قصة عيسى الحق من ربك، أو هو الحق من ربك، أو أمر عيسى فهو خبر مبتدأ محذوف.

{الْمُمْتَرِينَ (٦٠)} [٦٠] تام، ولا وقف من قوله: «فمن حاجك» إلى «الكاذبين»، فلا يوقف على «من العلم»؛ لأنَّ جواب الشرط لم يأت بعد.

{الْكَاذِبِينَ (٦١)} [٦١] تام.

{الْحَقُّ} [٦٢] كاف.

{إِلَّا اللَّهُ} [٦٢] حسن؛ لأنَّ «من إله» مبتدأ، و «من» زائدة، و «إلَّا الله» خبر، أي: ما إله إلَّا الله.

{الْحَكِيمُ (٦٢)} [٦٢] تام، ومثله «بالمفسدين»، وكذا «بيننا وبينكم» عند نافع إن رفع ما بعده؛ على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ فإنَّ العادة أنه لا يبتدأ بـ «إلَّا»؛ لأنَّ الغالب أنها تكون في محل نصب أو جر، فهي مفتقرة إلى عاملها، وهنا كأنَّ قائلًا قال: ما الكلمة؟ فقيل: هي ألَّا نعبد إلَّا الله، وهذا وإن كان جائزًا عربية رفعه -فالأحسن وصله، وليس بوقف إن جعلت «أن» وما في حيزها في محل رفع بالابتداء، والظرف قبلها خبر، وكذا لا يوقف على «بينكم» إن جعلت «أن» فاعلًا بالظرف قبلها، وحينئذ يكون الوقف على «سواء»، ثم يبتدأ «بيننا وبينكم ألَّا نعبد إلَّا الله»، وهذا فيه بعد من حيث المعنى، وكذا لا يوقف عليه إن جر على أنه بدل من كلمة بتقدير: تعالوا إلى كلمة، وإلى «ألَّا نعبد إلَّا الله»؛ لأنَّ ما بعده معطوف على ما قبله، ورسموا «ألَّا نعبد» بغير نون بعد الألف.


(١) روي نصب النون بعد الفاء من «فيكون»، ابن عامر وحده من العشر، أما ما ذكره المصنف فلا أصل له إن كان يقصد ما ذكرته؟!. انظر هذه القراءة في: التيسير (ص: ٧٦، ٨٨)، الحجة لابن خالويه (ص: ١١٠)، السبعة
(ص: ٢٠٧).
(٢) البيت من بحر الخفيف، مجهول القائل، وذكره عبد القادر البغدادي في خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب-الموسوعة الشعرية

<<  <  ج: ص:  >  >>