للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على التوهم؛ كأنَّه توهم أنَّه نطق بأن، فنصب الفعل على هذا التوهم، وهذا على القول بمصدرية «لو» وقيل: نصب على جواب التمني المفهوم من «ودوا»، وجواب «لو» محذوف، تقديره: ودُّوا إدهانك، فحذف لدلالة «لو» وما بعدها عليه، وتقدير الجواب: لسرُّوا بذلك، قال زهير بن أبي سلمى (١):

وَفي الحِلمِ إِدهانٌ وَفي العَفوِ دُربَةٌ ... وَفي الصِدقِ مَنجاةٌ مِنَ الشَرِّ فَاِصدُق

ولا وقف من قوله: «ولا تطع» إلى «زنيم» لما فيه من قطع الصفات عن الموصوف، وفيه الابتداء بالمجرور.

و {زَنِيمٍ (١٣)} [١٣] كاف؛ لمن قرأ: «ءَأَن كان ذا مال» بهمزتين محققتين؛ على الاستفهام التوبيخي؛ لأنَّ الاستفهام له صدر الكلام، والتقدير: ألأن كان ذا مال وبنين يفعل هذا، وبها قرأ حمزة وعاصم (٢)، وقرأ ابن عامر «آن كان ذا مالٍ» بهمزة واحدة بعدها مدة (٣)، وليس بوقف لمن قرأ: «أن كان» بالقصر خبرًا، أي: لأن كان، وبها قرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وعاصم في رواية حفص وكذا الكسائي عن أبي بكر عن عاصم (٤)، وحاصله أنَّك إن علقت «أن كان» بما قبله لم تقف على «زنيم» وإن


(١) البيت من بحر الطويل، وقائله زهير بن أبي سلمي، والبيت جاء مطلع أبيات له يقول فيها:
وَمَن يَلتَمِس حُسنَ الثَناءِ بِمالِهِ ... يَصُن عِرضَهُ مِن كُلِّ شَنعاءَ موبِق
وَمَن لا يَصُن قَبلَ النَوافِذِ عِرضَهُ ... يُحرِزَهُ يُعرَر بِهِ وَيُخَرَّق

زُهَير بن أبي سُلمَى (? - ١٣ ق. هـ/? - ٦٠٩ م) زهير بن أبي سلمى ربيعة بن رباح المزني، من مُضَر، حكيم الشعراء في الجاهلية وفي أئمة الأدب من يفضّله على شعراء العرب كافة، قال ابن الأعرابي: كان لزهير من الشعر ما لم يكن لغيره: كان أبوه شاعرًا، وخاله شاعرًا، وأخته سلمى شاعرة، وابناه كعب وبجير شاعرين، وأخته الخنساء شاعرة، ولد في بلاد مُزَينة بنواحي المدينة وكان يقيم في الحاجر (من ديار نجد)، واستمر بنوه فيه بعد الإسلام، قيل: كان ينظم القصيدة في شهر وينقحها ويهذبها في سنة فكانت قصائده تسمّى (الحوليات)، أشهر شعره معلقته التي مطلعها: (أمن أم أوفى دمنة لم تكلم)، ويقال: إن أبياته في آخرها تشبه كلام الأنبياء.-الموسوعة الشعرية-الموسوعة الشعرية.
(٢) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: ٤٢١)، الإعراب للنحاس (٣/ ٤٨٥)، البحر المحيط (٨/ ٣١٠)، التيسير (ص: ٢١٣)، المعاني للفراء (٣/ ١٧٣)، الكشف للقيسي (٢/ ٣٣١).
(٣) انظر: المصادر السابقة.
(٤) نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>