وهذا الرأي الأخير - أي رأي الشافعية هو الأوفق لأن الضمان هنا إنما هو حكم جزائي قهري فلا يتصور فيه الربا.
[المبحث الثالث: تعاقب الأيدي على المغصوب]
قلنا ان الغاصب يلزمه الضمان بوضع يده على المغصوب واستيلائه عليه.
وهنا فلو استولى على المغصوب شخص آخر بأي نحو من الأنحاء فهل يجب عليه الضمان أيضا فيكون للمالك الحق في مطالبته إما برد العين وتسليمها أو ببدلها ان تلفت؟ وهل يجب الضمان مطلقا بدون قيود؟ وإذا ألزمه المالك بالضمان فهل يرجع على أحد؟ هذه المسائل سنتعرض لها عند هذه النقطة من البحث لعلاقتها بصميم بحثنا.
وعندما نبدأ الحديث عنها فإنما نجري على طريقتنا في استعراض كلمات الفقهاء في المقام لاستخلاص آرائهم:
ففي المذهب الحنفي:
ذكر الكاساني (١): «. ولو غصب من إنسان شيئا فجاء آخر وغصبه منه فهلك في يده فالمالك بالخيار إن شاء ضمن الأول وإن شاء ضمن الثاني فلأنه فوت يد الأول. لأنه وجد من كل واحد منهما سبب الضمان إلا أن المضمون واحد فخيرنا المالك لتعين المستحق فإن اختار أن يضمن الأول رجع هو بالضمان على الثاني لأنه ملك المغصوب من وقت غصبه فتبين أن الثاني غصب ملكه وان اختار - أي المالك - تضمين الثاني فلا يرجع على أحد لأنه ضمن بفعل نفسه».