الحيازة هي كما قلنا وضع اليد على الشيء مدة من الزمن بنية تملكه والظهور في استعماله بمظهر المالك. ولما كان اكتساب ملكية الشيء بطريق الحيازة يعتبر خروجا على تملك الأشياء بالطرق القانونية لذلك فلا بدّ من بيان الحكمة الداعية لحماية الحيازة والطرق المقررة لحمايتها.
وهنا يبدو أن هناك رأيين في تعليل وبيان حكمة حماية الحيازة.
أما سافيني فقد ذهب الى أن الحكمة في حماية الحيازة تقوم على فكرة النظام العام إذ أن في حمايتها حفظ الأمن والنظام في المجتمع ومنع أي تكدير لهما، لأن السماح بالتعدي على واضح اليد حتى ولو كان هذا التعدي صادرا من المالك نفسه فيه إشاعة للفوضى وتشجيع للأفراد على أخذ حقوقهم بالقوة دون اللجوء الى السلطة العامة بأن يرفع دعوى بحقه الذي يدعيه، وإلى أن يفصل في هذه الدعوى يجب أن يحتفظ واضع اليد بما تحت يده من مال لأن النظام الاجتماعي يقضي بعدم المساس بالحالة الراهنة حتى يصدر حكم بشأنها.
أما أهرنج: فقد ذهب الى أن الحكمة في حماية الحيازة هي لحماية المالك نفسه وعنده ان الحائز هو في الغالب مالك الشيء، ويفضل الادعاء باكتساب الشيء بالحيازة على ادعاء اكتسابه بالطرق القانونية لأن إثبات الملكية كان أمرا شاقا في القانون الروماني (١).
ويبدو هنا «من الطريقة التي قررها البرينور لحماية الحيازة ان الحكمة من إقرارها مزدوجة فهي من جهة كانت ترمي الى حماية المالك الذي اكتسب حيازة الشيء بسبب صحيح لكي لا يشق عليه في إثبات تملكه ومن جهة
(١) محاضرات في القانون الروماني/عبد السلام ترميناني/ص ٩٧/ ٩٨.