الظروف الموضوعية طرح الإسلام نظريته في تحرير الإنسان من كل أنواع الاستغلال وإهدار الكرامة الآدمية فأغلق جميع الأبواب التي يتسرب منها الرق وسدّ جميع الطرق التي يتجمع بواسطتها ما عدا الحرب المشروعة باعتبارها أمر لا مفر منه في حينه وعليه فليس من المعقول مثلا ان يسترق الأعداء المحاربون الأسرى المسلمين ويعاملونهم معاملة لا إنسانية ويقف الإسلام من أسرى الأعداء موقفا آخر ومعروف هنا ان مبدأ المعاملة بالمثل مبدأ معترف به في النزاعات الدولية وقد أقرّه المجتمع الدؤلي ولا يزال فالرقيق في المجتمع السلامي إذن إنما يأتي عن هذا الطريق فقط وإزاء ذلك رسمت الشريعة الإسلامية خطة متكاملة متناسقة تستهدف في النهاية إزالة هذه الظاهرة من المجتمع الإسلامي نهائيا فضمنت أولا للاسرى الأرقاء المعاملة الإنسانية الرحيمة.
قال الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم: «إخوانكم خولكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يطعم وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما لا يطيقون وإذا كلفتوهم فأعينوهم (١)».
ثم اتخذت الاجراءات التشريعية لتنفيذ مبدأ العتق فحثت عليه حثا أكيدا حتى عد من أقرب الطاعات اضافة الى اجراءات كثيرة وكثيرة كلها تستهدف تحرير الأرقاء ولم تكتف الشريعة بذلك وتوكل الأمر إلى وجدان الإنسان المسلم بالرغم من انه وجدان نبيل بل خولت الدولة الإسلامية التدخل لتحقيق العتق وخصصت في ميزانية الدولة موردا ثابتا لذلك وذلك في حق الزكاة.
الثالث: إن الفقهاء المسلمين حين واجهوا ظاهرة الرق انطلقوا من مثل الإسلام ونظرته ينظمون شؤون الإسراء الأرقاء بكل ما يتعلق بشؤونهم
(١) الأدب النبوي/ الخولي، وورد في سنن ابن ماجة ج ٢ ص ٣٩٥ ط ١ بلفظ آخر.