للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلو رجعنا الى الفقه الحنفي لوجدنا تعريفات مختلفة ولو دققنا أكثر لرأينا ان الاختلاف جوهري.

فالكاساني (١) ذكر أن أبا حنيفة وأبا يوسف قد ذهبا الى أن الغصب «إزالة يد المالك عن ماله المتقوّم على سبيل المجاهرة والمغالبة يفعل في المال».

وقد ذهب محمد بن الحسن الشيباني الى ان «الفعل في المال» ليس بشرط‍ وهذا الاختلاف بين محمد والشيخين تنبني عليه تفريعات عديدة سنذكرها في محلها.

وذكر ابن غانم (٢) تعريفا آخر للغصب يتحد في المعنى مع التعريف المتقدم إذ قال: «الغصب شرعا هو أخذ مال متقوّم محترم بلا اذن من له الإذن على وجه يزيل يده بفعل في العين».

ثم وضّح القيود الواردة في التعريف قائلا: فخرج بالقيد الأول أي - المال - الحرّ والميتة، وبالثاني خمر المسلم وبالثالث مال الحربي واحترز بالرابع عن الوديعة والقيد الخامس أي «بفعل في العين» لا بدّ منه على أصل الشيخين وبدونه ينطبق الحد على قول محمد فإنهما اعتبرا بالغصب إزالة اليد المحقة بإثبات اليد المبطلة بفعل في العين.

وأورد الموصلي (٣) تعريفا آخر يتحد في معناه مع التعريفين المتقدمين إذ قال: «الغصب: هو أخذ مال متقوّم محترم مملوك للغير بطريق التعدي.

واشترط‍ أبو حنيفة وأبو يوسف كون المغصوب قابلا للنقل والتحويل على وجه يتضمن تفويت يد المالك ولم يشترط‍ ذلك محمد».

وهذا الخلاف بين أبي حنيفة وأبي يوسف من جهة وبين محمد بن الحسن


(١) بدائع الصنائع/١٤٣:٧.
(٢) مجمع الضمانات/ص ١١٧.
(٣) الاختيار لتعليل المختار/عبد الله الموصلي/٥٨:٣.

<<  <   >  >>