الْمُؤمنِينَ للنَّاس فِي اوله تَقْسِيم فِي غَايَة الصِّحَّة وَنِهَايَة السداد لَان الانسان لَا يَخْلُو من اُحْدُ الاقسام الَّتِي ذكرهَا مَعَ كَمَال الْعقل وإزاحة الْعِلَل اما ان يكون عَالما اَوْ متعلما اَوْ مغفلا للْعلم وَطَلَبه الْيَسْ بعالم وَلَا طَالب لَهُ فالعالم الرباني هُوَ الَّذِي لَا زِيَادَة على فَضله لفاضل وَلَا منزلَة فَوق مَنْزِلَته لمجتهد وَقد دخل فِي الْوَصْف لَهُ بانه رباني وَصفه بِالصِّفَاتِ الَّتِي يقتضيها الْعلم لاهله وَيمْنَع وَصفه بِمَا خالفها وَمعنى الرباني فِي اللُّغَة الرفيع الدرجَة فِي الْعلم العالي الْمنزلَة فِيهِ وعَلى ذَلِك حملُوا قَوْله تَعَالَى {لَوْلَا ينهاهم الربانيون} وَقَوله {كونُوا ربانيين} قَالَ ابْن عَبَّاس حكماء فُقَهَاء وَقَالَ ابو رزين فُقَهَاء عُلَمَاء وَقَالَ ابو عمر الزَّاهِد سَالَتْ ثعلبا عَن هَذَا الْحَرْف وَهُوَ الرباني فَقَالَ سَأَلت ابْن الاعرابي فَقَالَ إِذا كَانَ الرجل عَالما عَاملا معلما قيل لَهُ هَذَا رباني فَإِن خرم عَن خصْلَة مِنْهَا لم نقل لَهُ رباني
قَالَ ابْن الانباري عَن النَّحْوِيين ان الربانيين منسوبون الى الرب وان الالف وَالنُّون زيدتا للْمُبَالَغَة فِي النّسَب كَمَا تَقول لحياني وجبهاني إِذا كَانَ عَظِيم اللِّحْيَة والجبهة واما المتعلم على سَبِيل النجَاة فَهُوَ الطَّالِب بتعلمه والقاصد بِهِ نجاته من التَّفْرِيط فِي تَضْييع الْفُرُوض الْوَاجِبَة عَلَيْهِ وَالرَّغْبَة بِنَفسِهِ عَن احمالها واطراحها والانفة من مجانسة الْبَهَائِم ثمَّ قَالَ وَقد نفى بعض الْمُتَقَدِّمين عَن النَّاس من لم يكن من اهل الْعلم واما الْقسم الثَّالِث فهم المهملون لانفسهم الراضون بالمنزلة الدنية وَالْحَال الخسيسة الَّتِي هِيَ فِي الحضيض الاسقط والهبوط الاسفل الَّتِي لَا منزلَة بعْدهَا فِي الْجَهْل وَلَا دونهَا فِي السُّقُوط وَمَا احسن مَا شبههم بالهمج الرعاع وَبِه يشبه دناة النَّاس واراذلهم والرعاع المتبدد المتفرق وللناعق الصائح وَهُوَ فِي هَذَا الْموضع الرَّاعِي يُقَال نعق الرَّاعِي بالغنم ينعق اذا صَاح بهَا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى وَمثل الَّذين كفرُوا كَمثل الَّذِي ينعق بمالا يسمع الا دعاءا ونداءا صم بكم عمي فهم لَا يعْقلُونَ وَنحن نشِير الى بعض مَا فِي هَذَا الحَدِيث من الْفَوَائِد فَقَوله رضى الله عَنهُ الْقُلُوب اوعية يشبه الْقلب بالوعاء والاناء والوادي لانه وعَاء للخير وَالشَّر وَفِي بعض الاثار ان لله فِي ارضه آنِية وَهِي الْقُلُوب فَخَيرهَا ارقها واصلبها واصفاها فَهِيَ اواني مَمْلُوءَة من الْخَيْر واواني مملوة من الشَّرّ كَمَا قَالَ بعض السّلف قُلُوب الابرار تغلى بِالْبرِّ وَقُلُوب الْفجار تغلى بِالْفُجُورِ وَفِي مثل هَذَا قيل فِي الْمثل وكل إِنَاء بِالَّذِي فِيهِ ينضح وَقَالَ تَعَالَى {أنزل من السَّمَاء مَاء فسالت أَوديَة بِقَدرِهَا} شبه الْعلم بِالْمَاءِ النَّازِل من السَّمَاء والقلوب فِي سعتها وضيقها بالاودية فَقلب كَبِير وَاسع يسع علما كثيرا كواد كَبِير وَاسع يسع ماءا كثيرا وقلب صَغِير ضيق يسع علما قَلِيلا كواد صَغِير ضيق يسع ماءا قَلِيلا وَلِهَذَا قَالَ النَّبِي لَا تسموا الْعِنَب الْكَرم فَإِن الْكَرم قلب الْمُؤمن فانهم كانوايسمون شجر الْعِنَب الْكَرم لِكَثْرَة مَنَافِعه وخيره وَالْكَرم كَثِيرَة الْخَيْر وَالْمَنَافِع فَأخْبرهُم ان قلب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute