للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعلم فسبب حَيَاة الرجل وحياة غَيره بِهِ وَالنَّاس إِذا راوا من يستأثر عَلَيْهِم بِهِ ويطلبه احبوه وخدموه واكرموه الْعشْرُونَ إِن اللَّذَّة الْحَاصِلَة من غنى إِمَّا لَذَّة وهمية وَإِمَّا لَذَّة بهيمية فَإِن صَاحبه التذ بِنَفس جمعه وتحصيله فَتلك لَذَّة وهمية خيالية وان التذ بانفاقه فِي شهواته فَهِيَ لَذَّة بهيمية واما لَذَّة الْعلم فلذة عقلية روحانية وَهِي تشبه لَذَّة الْمَلَائِكَة وبهجتها وَفرق مَا بَين اللذتين الْحَادِي وَالْعشْرُونَ ان عقلاء الامم مطبقون على ذمّ الشره فِي جمع المَال الْحَرِيص عَلَيْهِ وتنقصه والازراء بِهِ ومطبقون على تَعْظِيم الشره فِي جمع الْعلم وتحصيله ومدحه ومحبته ورؤيته بِعَين الْكَمَال الثَّانِي وَالْعشْرُونَ انهم مطبقون على تَعْظِيم الزَّاهِد فِي المَال المعرض عَن جمعه الَّذِي لَا يلْتَفت اليه وَلَا يَجْعَل قلبه عبدا لَهُ ومطبقون على ذمّ الزَّاهِد فِي الْعلم الَّذِي لَا يلْتَفت اليه وَلَا يحرص عَلَيْهِ الثَّالِث وَالْعشْرُونَ ان المَال يمدح صَاحبه بتخليه مِنْهُ وإخراجه وَالْعلم إِنَّمَا يمدح يتخليه بِهِ واتصافه بِهِ الرَّابِع وَالْعشْرُونَ ان غنى المَال مقرون بالخوف والحزن فَهُوَ حَزِين قبل حُصُوله خَائِف بعد حُصُوله وَكلما كَانَ اكثر كَانَ الْخَوْف اقوى وغني الْعلم مقرون بالامن والفرح وَالسُّرُور الْخَامِس وَالْعشْرُونَ ان الْغنى بِمَالِه لَا بُد ان يُفَارِقهُ غناهُ ويتعذب ويتألم بمفارقته والغنى بِالْعلمِ لَا يَزُول وَلَا يتعذب صَاحبه لَا يتألم فلذة الْغنى بالماللذة زائلة مُنْقَطِعَة يعقبها الالم وَلَذَّة الْغنى بِالْعلمِ لَذَّة بَاقِيَة مستمرة لَا يلْحقهَا الم السَّادِس وَالْعشْرُونَ ان استلذاذ النَّفس وكمالها بالغني استكمال بعارية مُؤَدَّاة فتجملها بِالْمَالِ تجمل بِثَوْب مستعار لَا بُد ان يرجع الى مَالِكه يَوْمًا مَا واما تجملها بِالْعلمِ وكمالها بِهِ فتجمل بِصفة ثَابِتَة لَهَا راسخة فِيهَا لَا تفارقها السَّابِع وَالْعشْرُونَ ان الْغَنِيّ بِالْمَالِ هُوَ عين فقر النَّفس والغنى بِالْعلمِ هُوَ عين فقر النَّفس والغنى بِالْعلمِ هُوَ غناها بالحقيقي فغناها بعلمها هُوَ الْغَنِيّ غناها بمالها هُوَ الْفقر الثَّامِن وَالْعشْرُونَ ان من قدم وَأكْرم لمَاله إِذا زَالَ مَاله زَالَ تَقْدِيمه وإكرامه وَمن قدم وَأكْرم لعلمه لَا يزْدَاد الا تَقْدِيمًا وإكراما التَّاسِع وَالْعشْرُونَ ان تَقْدِيم الرجل لمَاله هُوَ عين ذمه فانه نِدَاء عَلَيْهِ بنقصه وانه لَوْلَا مَاله لَكَانَ مُسْتَحقّا للتأخر والاهانة واما تَقْدِيمه وإكرامه لعلمه فَإِنَّهُ عين كَمَاله إِذْ هُوَ تَقْدِيم لَهُ بِنَفسِهِ وبصفته الْقَائِمَة بِهِ لَا بِأَمْر خَارج عَن ذَاته الْوَجْه الثَّلَاثُونَ ان طَالب الْكَمَال بغنى المَال كالجامع بَين الضدين فَهُوَ طَالب مَالا سَبِيل لَهُ اليه وَبَيَان ذَلِك ان الْقُدْرَة صفة كَمَال وَصفَة الْكَمَال محبوبة بِالذَّاتِ والاستغناء عَن الْغَيْر ايضا صفة كَمَال محبوبة بِالذَّاتِ فَإِذا مَال الرجل بطبعه الى السخاوة والجود وَفعل المكرمات فَهَذَا كَمَال مَطْلُوب للعقلاء مَحْبُوب للنفوس وَإِذا الْتفت الى ان ذَلِك يقتضى خُرُوج المَال من يَده وَذَلِكَ يُوجب نَقصه واحتياجه الى الْغَيْر وَزَوَال قدرته نفرت نَفسه عَن السخاء وَالْكَرم والجود واصطناع الْمَعْرُوف وَظن ان كَمَاله فِي إمْسَاك المَال وَهَذِه البلية امْر ثَابت لعامة الْخلق لَا ينكفون عَنْهَا فلأجل ميل الطَّبْع الى حُصُول الْمَدْح وَالثنَاء والتعظيم بحب الْجُود والسخاء

<<  <  ج: ص:  >  >>