للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد الْجُمُعَة، فَإِن هَذَا شرع لم يَأْذَن بِهِ الله وَلَا رَسُوله، وكقراءة الْقُرْآن بِالْأُجْرَةِ، وكالسبحة، والعتاقة، والختمة الَّتِي يعملونها عَن الْمَيِّت، وكالاحتفال بِدُعَاء لَيْلَة النّصْف من شعْبَان، وبليلة مولد النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وكرفع الصَّوْت بالصلات وَالتَّسْلِيم عقب التأذين، وكالصلاة الَّتِي يصلونها فِي أَوَاخِر رَمَضَان لتكفير الْفَوَائِت من صلوَات الْعَام الْمَاضِي، وكالجهر بِقِرَاءَة سُورَة الْكَهْف فِي الْمَسَاجِد إِذْ السّنة الْإِسْرَار بهَا وأمثال ذَلِك. وَهَذِه أَيْضا بدع ضلالات كَمَا قَالَ الْمَعْصُوم [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لَكِنَّهَا دون اللَّتَيْنِ قبلهَا.

(الْقسم الرَّابِع) : الْبِدْعَة الْمَكْرُوهَة تَنْزِيها، وَهِي كالمصافحة فِي أدبار الصَّلَوَات، وَكَذَا تَعْلِيق الستائر على المنابر، وكدعاء عَاشُورَاء وَدُعَاء أول السّنة وَآخِرهَا، وَالله أعلم.

وَقد ذهب كثير من محققي الْعلمَاء إِلَى أَن كل بِدعَة فِي الدّين صَغِيرَة كَانَت أَو كَبِيرَة، فَهِيَ مُحرمَة، وَاسْتَدَلُّوا لذَلِك بالأحاديث الَّتِي جَاءَت فِي ذمّ الْبدع بصيغ الْعُمُوم كَحَدِيث: " فَإِن كل محدثة بِدعَة، وكل بِدعَة ضَلَالَة، وكل ضَلَالَة فِي النَّار، وَحَدِيث: " من عمل عملا لَيْسَ عَلَيْهِ أمرنَا فَهُوَ رد وَحَدِيث: " من أحدث فِي أمرنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رد "، وَهَذَا مُوَافق لما ذَكرْنَاهُ، لِأَن الْمُحرمَات لَيست كلهَا كَبَائِر وَلَا صغائر، بل مِنْهَا مَا يخرج صَاحبه من الدّين وَالْعِيَاذ بِاللَّه، وَمِنْهَا مَا هُوَ من الْكَبَائِر، وَمِنْهَا مَا هُوَ من الصَّغَائِر، وَمِنْهَا مَا هُوَ دون ذَلِك، وَالله سُبْحَانَهُ قَالَ: {كل شَيْء عِنْده بِمِقْدَار} ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَمن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يجزى إِلَّا مثلهَا} ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا} وَالله تَعَالَى أعلم.

وتقسيم بعض متأخري الْفُقَهَاء الْبِدْعَة إِلَى خَمْسَة أَقسَام خطأ وَظن: {وَإِن الظَّن لَا يُغني من الْحق شَيْئا} بل هَذَا مِنْهُم مشاقة ومحادة للرسول [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] الْقَائِل: " وكل بِدعَة ضَلَالَة، فَلهم نصيب من الْوَعيد الْمَذْكُور فِي آيَة {وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ نوله مَا تولى ونصله جَهَنَّم} .

<<  <   >  >>