للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} : أي يغشاها من أمر الله شيء عظيم لا يعلم وصفه إلا الله عز وجل.

{مَا زَاغَ الْبَصَرُ} : أي ما زاغ بصر محمد صلى الله عليه وسلم يمنة ولا يسرة عن مقصوده.

{وَمَا طَغَى} : أي ما تجاوز البصر.

وهذا كمال الأدب منه صلوات الله وسلامه عليه أن قام مقامًا أقامه الله فيه ولم يقصر عنه ولم يتجاوزه ولا حاد عنه، وهذا أكمل ما يكون منه الأدب العظيم الذي فاق فيه الأولين والآخرين، فإن الإخلال يكون بأحد هذه الأمور، إما أن لا يقوم العبد بما أمر به، أو يقوم به على وجه التفريط، أو يقوم به على وجه الإفراط أو على وجه الحيدة يمينًا وشمالًا، وهذه الأمور كلها منتفية عنه صلى الله عليه وسلم.

وقوله: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} : أي من الجنة والنار وغير ذلك من الأمور التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به. والله أعلم.

***

سؤال: ما معنى الآيتين الكريمتين في قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩] ، وقوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور: ٢١] ، وهل بينهما نسخ أو تعارض؟ وماذا نستفيد منهما؟

الجواب: بين الآيتين إشكال، ذلك أن الآية الأولى فيها: أن الإنسان لا يملك إلا سعيه ولا يملك سعي غيره {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} ، فملكيته محصورة بسعيه، ولا ينفعه إلا سعيه، بينما الآية الأخرى فيها أن

<<  <  ج: ص:  >  >>