الذرية إذا آمنت فإنها تلحق بآبائها في الجنة وتكون معهم في درجتهم وإن لم تكن عملت عملهم، فالذرية إذا استفادت من عمل غيرها، قال تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ}[الطور: ٢١] ، فالآية الكريمة تدل على أن الذرية يلحقون بآبائهم في درجاتهم ويرفعون معهم في درجاتهم وإن لم يكن عملهم كعمل آبائهم، فظاهر الآية أنهم انتفعوا بعمل غيرهم وسعي غيرهم، بينما الآية الأخرى أن الإنسان لا ينفعه إلا سعيه.
وقد أجاب العلماء عن هذا بعدة أجوبة:
الجواب الأول: أن الآية الأولى {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} مطلقة والآية الثانية {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} مقيدة.
والمطلق يحمل على المقيد كما هو مقرر في علم الأصول.
والجواب الثاني: أن الآية الأولى تخبر أن الإنسان لا يملك إلا سعيه، ولا ينفعه إلا سعيه، ولكنها لم تنف أن الإنسان ينتفع بعمل غيره، من غير تملك له، فالآية الأولى في الملكية، والثانية في الانتفاع، أن الإنسان قد ينتفع بعمل غيره وإن لم يكن ملكه، ولهذا ينفعه إذا تصدق عنه، وينفعه إذا استغفر له، ودعي له، فالإنسان يستفيد من دعاء غيره، ومن عمل غيره، وهو ميت.
والانتفاع غير الملكية، فالآية الأولى في نوع، والآية الثانية في نوع آخر، ولا تعارض بينهما.