للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ الْغَيْرِ) فَيُعْتَقُ كُلُّ وَاحِدٍ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ وَاحِدٌ مُفْرَدٌ فَحِينَئِذٍ لَا تَبْطُلُ الْوَحْدَةُ، وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ هَذَا أَيْ عِتْقُ كُلِّ وَاحِدٍ.

(وَلَيْسَ الْبَعْضُ أَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ لَبَطَلَ) أَيْ الْكَلَامُ (بِالْكُلِّيَّةِ، وَفِي الثَّانِي، وَهُوَ قَوْلُهُ أَيْ عَبِيدِي ضَرَبْته يَثْبُتُ الْوَاحِدُ، وَيَتَخَيَّرُ فِيهِ الْفَاعِلُ) إذْ هُنَاكَ يُمْكِنُ التَّخْيِيرُ مِنْ الْفَاعِلِ الْمُخَاطَبِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ (نَحْوُ «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» ) هَذَا نَظِيرُ الْأَوَّلِ فَإِنَّ طَهَارَتَهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِدِبَاغَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ فَاعِلٌ مُعَيَّنٌ يُمْكِنُ مِنْهُ التَّخْيِيرُ فَيَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ.

(وَنَحْوُ كُلِّ أَيُّ حِينَ تُرِيدُ) هَذَا نَظِيرُ الثَّانِي فَإِنَّ التَّخْيِيرَ مِنْ الْفَاعِلِ الْمُخَاطِبِ مُمْكِنٌ

ــ

[التلويح]

عَامًّا بِهِ، وَأَيْضًا الْمَفْعُولُ بِهِ فَضِلَةٌ يَثْبُتُ ضَرُورَةً فَيُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا فَلَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي التَّعْمِيمِ بِخِلَافِ الْمَفْعُولِ فِيهِ فَإِنَّهُ صُرِّحَ بِهِ، وَقَصَدَ وَصْفَهُ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ مَعَ مَا بَيْنَ الْفِعْلِ وَالزَّمَانِ مِنْ التَّلَازُمِ، وَفِيهِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الضَّرْبَ صِفَةٌ إضَافِيَّةٌ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالْفَاعِلِ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ هُوَ وَصْفٌ لَهُ، وَتَعَلُّقٌ بِالْمَفْعُولِ بِهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ هُوَ وَوَصْفٌ لَهُ، وَلَا امْتِنَاعَ فِي قِيَامِ الْإِضَافِيَّاتِ الْمُضَافَيْنِ.

وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُتَعَدِّيَ يَحْتَاجُ إلَى الْمَفْعُولِ بِهِ فِي التَّعَقُّلِ، وَالْوُجُودِ جَمِيعًا، وَإِلَى الْمَفْعُولِ فِيهِ فِي الْوُجُودِ فَقَطْ فَاتِّصَالُهُ الْأَوَّلُ أَشَدُّ، وَأَثَرُ الْمَفْعُولِ بِهِ هَاهُنَا إنَّمَا هُوَ فِي رَبْطِ الصِّفَةِ بِالْمَوْصُوفِ لَا فِي التَّعْمِيمِ، وَكَوْنُهُ ضَرُورِيًّا لَا يُنَافِي الرَّبْطَ، وَلَوْ سُلِّمَ فَالْفَاعِلُ أَيْضًا ضَرُورِيٌّ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَظْهَرَ أَثَرُهُ فِي التَّعْمِيمِ، وَكَوْنُهُ غَيْرَ فَضْلَةٍ لَا يُنَافِي الضَّرُورَةَ بَلْ يُؤَكِّدُهَا.

(قَوْلُهُ: وَهُنَا فَرْقٌ آخَرُ) تَفَرَّدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ حَاصِلُهُ أَنَّ أَيًّا لِوَاحِدٍ مُنْكَرٍ فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى إنْ لَمْ يُعْتَقْ وَاحِدٌ يَلْزَمُ بُطْلَانُ الْكَلَامِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنْ عَتَقَ وَاحِدٌ دُونَ وَاحِدٍ يَلْزَمُ التَّرْجِيحُ بِلَا مُرَجِّحٍ إذْ لَا أَوْلَوِيَّةَ لِلْبَعْضِ فَتَعَيَّنَ عِتْقُ الْكُلِّ، وَمَعْنَى الْوِحْدَةِ بَاقٍ مِنْ جِهَةِ أَنَّ عِتْقَ كُلِّ وَاحِدٍ مُعَلَّقٌ بِضَرْبِهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْغَيْرِ فَهُوَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَاحِدٌ مُنْفَرِدٌ عَنْ الْغَيْرِ، وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يَتَعَيَّنُ الْوَاحِدُ بِاخْتِيَارِ الْمُخَاطَبِ ضَرْبَهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ لِتَخْيِيرِ الْمُخَاطَبِ فِي تَعْيِينِهِ فَتَحْصُلُ الْأَوْلَوِيَّةُ، وَيَثْبُتُ الْوَاحِدُ مِنْ غَيْرِ عُمُومٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَخْيِيرِ الْفَاعِلِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ إنَّمَا يَعْقِلُ فِي مُتَعَدِّدٍ، وَلَا تَعَدُّدَ فِي الْمَفْعُولِ، وَهَذَا الْفَرْقُ أَيْضًا مُشْكِلٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ قَدْ تَكُونُ بِحَيْثُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا التَّخْيِيرُ مِثْلُ أَيُّ عَبِيدِي، وَطِئَتْهُ دَابَّتُك أَوْ عَضَّهُ كَلْبُك فَهُوَ حُرٌّ.

وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا لَمْ يَقَعْ مِنْ الْمُخَاطَبِ اخْتِيَارُ الْبَعْضِ بَلْ ضَرَبَ الْجَمِيعَ مَعًا أَوْ عَلَى التَّرْتِيبِ فَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لِعَدَمِ وُقُوعِ الشَّرْطِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْبَعْضِ أَوْ يُعْتَقُ كُلُّ وَاحِدٍ كَمَا ذُكِرَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى بِعَيْنِهِ لِجَوَازِ أَنْ يُعْتَبَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا بالمضروبية كَمَا فِي الضَّارِبِيَّةِ وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّا نُسَلِّمُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى عَدَمَ أَوْلَوِيَّةِ الْبَعْضِ مُطْلَقًا بَلْ إذَا ضَرَبُوهُ مَعًا، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ أَوْلَوِيَّةِ الْبَعْضِ عِتْقُ كُلِّ وَاحِدٍ لِجَوَازِ أَنْ يُعْتَقَ وَاحِدٌ مُبْهَمٌ، وَيَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>