للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمَاعَةٌ يَسْتَحِقُّ الْجَمِيعُ نَفْلًا وَاحِدًا أَوْ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لِلتَّحْرِيضِ، وَالْحَثِّ عَلَى دُخُولِ الْحِصْنِ أَوَّلًا فَيَجِبُ أَنْ يَسْتَحِقَّ السَّابِقُ النَّفَلَ سَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ مُجْتَمِعًا، وَلَا يُشْتَرَطُ الِاجْتِمَاعُ لِأَنَّهُ إذَا أَقْدَمَ الْأَوَّلُ عَلَى الدُّخُولِ فَتَخَلَّفَ غَيْرُهُ مِنْ الْمُسَابِقَةِ لَا يُوجِبُ حِرْمَانَ الْأَوَّلِ عَنْ اسْتِحْقَاقِ النَّفْلِ فَالْقَرِينَةُ دَالَّةٌ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاجْتِمَاعِ فَلَا يُرَادُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ، وَأَيْضًا لَا دَلِيلَ عَلَى أَنَّهُ إذَا دَخَلَ جَمَاعَةٌ يَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَمَاعَةِ نَفْلًا تَامًّا بَلْ الْكَلَامُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ لِلْمَجْمُوعِ نَفْلًا وَاحِدًا فَصَارَ الْكَلَامُ مَجَازًا عَنْ قَوْلِهِ إنَّ السَّابِقَ يَسْتَحِقُّ النَّفَلَ سَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ مُجْتَمِعًا فَإِنْ دَخَلَ مُنْفَرِدًا أَوْ مُجْتَمِعًا يَسْتَحِقُّ لِعُمُومِ الْمَجَازِ فَالِاسْتِحْقَاقُ

ــ

[التلويح]

أَنْ يَكُونَ الدَّاخِلُ أَوَّلًا وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا مَعًا أَوْ عَلَى سَبِيلِ التَّعَاقُبِ يَصِيرُ تِسْعَةً فَإِنْ كَانَ الدَّاخِلُ وَاحِدًا فَقَطْ فَلَهُ كَمَالُ النَّفْلِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ أَمَّا فِي مَنْ دَخَلَ، وَكُلُّ مَنْ دَخَلَ فَظَاهِرٌ.

وَأَمَّا فِي جَمِيعِ مَنْ دَخَلَ فَلِأَنَّ هَذَا التَّنْفِيلَ لِلتَّشْجِيعِ، وَإِظْهَارِ الْجَلَادَةِ فَلَمَّا اسْتَحَقَّهُ الْجَمَاعَةُ بِالدُّخُولِ أَوَّلًا قَالُوا حَدٌّ أَوْلَى لِأَنَّ الْجَلَادَةَ فِي ذَلِكَ أَقْوَى، وَإِنْ كَانَ الدَّاخِلُ مُتَعَدِّدًا فَإِنْ دَخَلُوا مَعًا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ فِي صُورَةِ مَنْ دَخَلَ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ نَفْلٌ تَامٌّ فِي صُورَةِ كُلِّ مَنْ دَخَلَ، وَلِلْمَجْمُوعِ نَفْلٌ وَاحِدٌ فِي صُورَةِ جَمِيعِ مَنْ دَخَلَ لِأَنَّ لَفْظَ جَمِيعٍ لِلْإِحَاطَةِ عَلَى صِفَةِ الِاجْتِمَاعِ فَالْعَشَرَةُ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ سَابِقٍ بِالدُّخُولِ عَلَى سَائِرِ النَّاسِ بِخِلَافِ كُلٍّ فَإِنَّ عُمُومَهُ عَلَى سَبِيلِ الِانْفِرَادِ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ دَخَلُوا عَلَى سَبِيلِ التَّعَاقُبِ فَالنَّفَلُ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمْ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ أَمَّا فِي مَنْ، وَكُلٍّ فَظَاهِرٌ.

وَأَمَّا فِي الْجَمِيعِ فَلِأَنَّهُ يَجْعَلُ مُسْتَعَارَ الْكُلِّ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْوَاحِدِ، وَهُوَ أَنَّ الْجَلَادَةَ فِي دُخُولِهِ، وَحْدَهُ أَقْوَى فَهُوَ بِالنَّفْلِ أَحْرَى كَذَا ذَكَرَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ، وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ فِي ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ لِأَنَّهُمْ لَوْ دَخَلُوا مَعًا اسْتَحَقُّوا النَّفَلَ عَمَلًا بِعُمُومِ الْجَمِيعِ، وَلَوْ دَخَلُوا فُرَادَى اسْتَحَقَّهُ الْأَوَّلُ مِنْهُمْ عَمَلًا بِمَجَازِهِ كَمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ إلَّا وَاحِدٌ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ إنْ دَخَلُوا مَعًا يُحْمَلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَإِنْ دَخَلُوا فُرَادَى أَوْ دَخَلَ وَاحِدٌ فَقَطْ يُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِ، وَرَدَّهُ صَاحِبُ الْكَشْفِ وَالْمُصَنِّفُ بِأَنَّ امْتِنَاعَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ، إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إلَى الْإِرَادَةِ دُونَ الْوُقُوعِ، وَهَاهُنَا قَدْ تَحَقَّقَ الْجَمْعُ فِي الْإِرَادَةِ لِيَصِحَّ الْحَمْلُ تَارَةً عَلَى حَقِيقَةِ الْجَمْعِ، وَأُخْرَى عَلَى مَجَازِهِ كَمَا يُقَالُ اُقْتُلْ أَسَدًا، وَيُرَادُ بِهِ سَبُعٌ أَوْ رَجُلٌ شُجَاعٌ حَتَّى يُعَدَّ مُمْتَثِلًا بِأَيِّهِمَا كَانَ إذْ لَوْ أُرِيدَ حَقِيقَةُ الْجَمْعِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْفَرْدُ، وَلَوْ أُرِيدَ مَجَازٌ، لَمْ يَسْتَحِقَّ الْجَمْعُ نَفْلًا وَاحِدًا بَلْ يَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ نَفْلًا تَامًّا كَمَا إذَا صَرَّحَ بِلَفْظِ كُلٍّ فَلِدَفْعِ هَذَا الْإِشْكَالِ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ كَلَامًا حَاصِلُهُ أَنَّ الْجَمِيعَ هَاهُنَا لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ حَتَّى يَتَوَقَّفَ اسْتِحْقَاقُ النَّفْلِ عَلَى صِفَةِ الِاجْتِمَاعِ لِلْقَرِينَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>