للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَحَّ اسْتِعَارَةُ الْبَيْعِ لِلْإِجَارَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ بِقَوْلِهِ بِعْت مَنَافِعَ هَذِهِ الدَّارِ فِي هَذَا الشَّهْرِ بِكَذَا لَكِنَّهُ لَا يَصِحُّ بِهَذَا اللَّفْظِ.

فَقَوْلُهُ (لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِفَسَادِ الْمَجَازِ) دَلِيلٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَلَا يَلْزَمُ، وَقَوْلُهُ ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ (بَلْ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَعْدُومَةَ لَا تَصْلُحُ مَحَلًّا لِلْإِضَافَةِ حَتَّى لَوْ أَضَافَ الْإِجَارَةَ إلَيْهَا لَا تَصِحُّ فَكَذَا الْمَجَازُ عَنْهَا) فَالْإِجَارَةُ إنَّمَا تَصِحُّ إذَا أُضِيفَ الْعَقْدُ إلَى الْعَيْنِ فَإِنَّ الْعَيْنَ تَقُومُ مَقَامَ الْمَنْفَعَةِ فِي إضَافَةِ الْعَقْدِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ فِي الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهِيَ النِّكَاحُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ، وَالْبَيْعُ، وَالطَّلَاقُ بِلَفْظِ الْعِتْقِ، وَالْإِجَارَةُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ الْحَقُّ أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ لَا بِطَرِيقِ إطْلَاقِ اسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبِّبِ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَيْسَتْ سَبَبًا لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ الَّذِي ثَبَتَ بِالنِّكَاحِ بَلْ إطْلَاقُ اللَّفْظِ عَلَى مُبَايِنِ مَعْنَاهُ لِلِاشْتِرَاكِ بَيْنَهُمَا فِي اللَّازِمِ، وَهُوَ

ــ

[التلويح]

وَهِيَ إطْلَاقُ اسْمِ أَحَدِ الْمُتَبَايِنَيْنِ عَلَى الْآخَرِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي لَازِمٍ مَشْهُورٍ هُوَ فِي أَحَدِهِمَا أَقْوَى، وَأَعْرَفُ كَإِطْلَاقِ اسْمِ الْأَسَدِ عَلَى الرَّجُلِ الشُّجَاعِ فَهَاهُنَا مَعْنَى النِّكَاحِ مُبَايِنٌ لِمَعْنَى الْهِبَةِ، وَالْبَيْعِ لَكِنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ، وَهُوَ فِي الْبَيْعِ أَقْوَى، وَكَذَا الطَّلَاقُ، وَالْعَتَاقُ أَمْرَانِ مُتَبَايِنَانِ يَشْتَرِكَانِ فِي إزَالَةِ الْمِلْكِ، وَهِيَ فِي الْعِتْقِ أَقْوَى، وَكَذَا الْإِجَارَةُ، وَالْبَيْعُ عَقْدَانِ مَخْصُوصَانِ مُتَبَايِنَانِ يَشْتَرِكَانِ فِي إثْبَاتِ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ، وَإِبَاحَتِهَا، وَهُوَ فِي الْبَيْعِ أَقْوَى فَاسْتُعِيرَ اسْمُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ، وَلَمْ يَجُزْ الْعَكْسُ لِمَا عَرَفْت مِنْ أَنَّ الِاسْتِعَارَةَ إنَّمَا تَجْرِي مِنْ طَرَفٍ وَاحِدٍ لِئَلَّا تَفُوتَ الْمُبَالَغَةُ الْمَطْلُوبَةُ مِنْ الِاسْتِعَارَةِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ سَبَقَ أَنَّ الِاسْتِعَارَةَ هِيَ إطْلَاقُ اللَّفْظِ عَلَى اللَّازِمِ الْخَارِجِيِّ الَّذِي هُوَ صِفَةٌ لِلْمَلْزُومِ فَكَيْفَ يَكُونُ مُبَايِنًا قُلْنَا لَيْسَ الِاسْتِعَارَةُ فِي الْإِطْلَاقِ عَلَى اللَّازِمِ بَلْ عَلَى الْمُبَايِنِ لِإِرَادَةِ اللَّازِمِ كَإِطْلَاقِ الْأَسَدِ عَلَى الْإِنْسَانِ لِكَوْنِهِ شُجَاعًا، وَإِطْلَاقِ الْهِبَةِ عَلَى النِّكَاحِ لِكَوْنِهِ مُثْبِتًا لِلْمِلْكِ، وَالْمُثْبِتُ لِلْمِلْكِ لَازِمٌ خَارِجِيٌّ صِفَةً لِلْهِبَةِ كَذَا نُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ أَصْلِ اعْتِرَاضٍ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْمَجَازِ بِاعْتِبَارِ السَّبَبِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ سَبَبًا لِلْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ بِعَيْنِهِ بَلْ بِجِنْسِهِ حَتَّى يُرَادَ بِالْغَيْثِ جِنْسُ النَّبَاتِ سَوَاءٌ حَصَلَ بِالْمَطَرِ أَوْ غَيْرِهِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ، وَأَرَادَ الْمِلْكَ فَمَلَكَهُ هِبَةً أَوْ إرْثًا يُعْتَقُ، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَا يُعْتَقُ، وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ مِمَّا أَوْرَدَ صَاحِبُ الْكَشْفِ، وَأَجَابَ بِأَنَّ مِلْكَ الْمُتْعَةِ عِبَارَةٌ عَنْ مِلْكِ الِانْتِفَاعِ، وَالْوَطْءِ، وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ فِي مِلْكِ النِّكَاحِ، وَالْيَمِينِ لَكِنَّ تَغَايُرَ الْأَحْكَامِ لِتَغَايُرِهِمَا صِفَةً لَا ذَاتًا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ فِي بَابِ النِّكَاحِ مَقْصُودًا وَفِي مِلْكِ الْيَمِينِ تَبَعًا، وَنَحْنُ إنَّمَا اعْتَبَرْنَا اللَّفْظَ لِإِثْبَاتِ مِلْكِ الْمُتْعَةِ فِي الْمَحَلِّ فَيَثْبُتُ عَلَى حَسَبِ مَا يَحْتَمِلُهُ الْمَحَلُّ فَإِذَا جَعَلْنَا لَفْظَ الْهِبَةِ مَجَازًا أَثْبَتْنَا بِهِ مِلْكَ الْمُتْعَةِ قَصْدًا لَا تَبَعًا فَتَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُ النِّكَاحِ لَا أَحْكَامُ مِلْكِ الْيَمِينِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ نَوْعَانِ مِنْ الْعَلَاقَةِ فَلَكَ أَنْ تَعْتَبِرَ أَيَّهُمَا شِئْت

<<  <  ج: ص:  >  >>