للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَائِرُ الْأَرَاضِي فَلَا مَعْرِفَةَ لَهُمْ بِأَحْوَالِهَا فَخَصُّوا عَدَمَ الْوَارِثِ بِالْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ دُونَ سَائِرِ الْأَرَاضِي احْتِرَازًا عَنْ الْمُجَازَفَةِ

(وَمِنْهُ التَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ يُوجِبُ الْعَدَمَ عِنْدَ عَدَمِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَمَلًا بِشَرْطِيَّتِهِ فَإِنَّ الشَّرْطَ مَا يَنْتَفِي بِانْتِفَائِهِ، وَعِنْدَنَا الْعَدَمُ لَا يَثْبُتُ بِهِ) أَيْ بِالتَّعْلِيقِ (بَلْ يَبْقَى الْحُكْمُ عَلَى الْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ) حَتَّى لَا يَكُونَ هَذَا الْعَدَمُ حُكْمًا شَرْعِيًّا بَلْ عَدَمًا أَصْلِيًّا بِعَيْنِ مَا ذَكَرْنَا فِي التَّخْصِيصِ بِالْوَصْفِ، وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ ثَمَرَةِ الْخِلَافِ ثَمَّتَ يَظْهَرُ هُنَا أَيْضًا (لِأَنَّ الشَّرْطَ يُقَالُ: لِأَمْرٍ خَارِجٍ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ، وَلَا يَتَرَتَّبُ كَالْوُضُوءِ، وَقَدْ يُقَالُ: لِلْمُعَلَّقِ بِهِ، وَهُوَ مَا يَتَرَتَّبُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، فَالشَّرْطُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ يُوجِبُ مَا ذَكَرْتُمْ لَا بِالْمَعْنَى الثَّانِي) أَيْ يَنْتَفِي الْمَشْرُوطُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ كَالْوُضُوءِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَنْتَفِي صِحَّةُ الصَّلَاةِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْوُضُوءِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ انْتِفَاءَ الْمَشْرُوطِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ بِهَذَا الْمَعْنَى حُكْمٌ شَرْعِيٌّ بَلْ لَا شَكَّ أَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عِنْدَ عَدَمِ الْوُضُوءِ عَدَمٌ أَصْلِيٌّ لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ يَكُونُ عَدَمُ الْوُضُوءِ دَالًّا عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا الشَّرْطُ بِالْمَعْنَى الثَّانِي فَإِنَّهُ لَا دَلَالَةَ لِانْتِفَائِهِ عَلَى انْتِفَاءِ الْمَشْرُوطِ فَإِنَّ الْمَشْرُوطَ يُمْكِنُ أَنْ يُوجَدَ بِدُونِ الشَّرْطِ نَحْوُ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَعِنْدَ انْتِفَاءِ الدُّخُولِ يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ بِسَبَبٍ آخَرَ.

ــ

[التلويح]

نِكَاحِ الْأَمَةِ قُلْنَا يَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ مِنْ حَيْثُ دَلَالَةُ اللَّفْظِ، وَهُوَ لَا يُنَافِي ثُبُوتَهُ فِي الْخَارِجِ قَبْلَ ذَلِكَ بِنَصٍّ آخَرَ كَمَا فِي الْآيَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ مَثَلًا فَإِنَّ الْوُجُوبَ يَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ بِالْأَمْرِ مَعَ أَنَّ إثْبَاتَ الثَّابِتِ مُحَالٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا بِنَاءٌ) التَّحْقِيقُ فِي الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ: أَنَّ الْحُكْمَ هُوَ الْجَزَاءُ وَحْدَهُ، وَالشَّرْطُ قَيْدٌ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الظَّرْفِ وَالْحَالِ، حَتَّى إنَّ الْجَزَاءَ إنْ كَانَ خَبَرًا فَالشَّرْطِيَّةُ خَبَرِيَّةٌ، وَإِنْ كَانَ إنْشَاءً فَإِنْشَائِيَّةٌ، وَعِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ أَنَّ مَجْمُوعَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ كَلَامٌ وَاحِدٌ دَالٌّ عَلَى رَبْطِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ، وَثُبُوتِهِ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ عَلَى الِانْتِفَاءِ عِنْدَ الِانْتِفَاءِ فَكُلٌّ مِنْ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ جُزْءٌ مِنْ الْكَلَامِ بِمَنْزِلَةِ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ فَمَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى الْأَوَّلِ، وَجَعَلَ التَّعْلِيقَ إيجَابًا لِلْحُكْمِ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَإِعْدَامًا لَهُ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِهِ فَصَارَ كُلٌّ مِنْ الثُّبُوتِ وَالِانْتِفَاءِ حُكْمًا شَرْعِيًّا ثَابِتًا بِاللَّفْظِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا، وَصَارَ الشَّرْطُ عِنْدَهُ تَخْصِيصًا وَقَصْرًا لِعُمُومِ التَّقَادِيرِ عَلَى بَعْضِهَا، وَمَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى الثَّانِي فَجَعَلَ الْكَلَامَ مُوجِبًا لِلْحُكْمِ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ الشَّرْطِ سَاكِتًا عَنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِهِ فَصَارَ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ عَدَمًا أَصْلِيًّا مَبْنِيًّا عَلَى عَدَمِ الثُّبُوتِ لَا حُكْمًا شَرْعِيًّا مُسْتَفَادًا مِنْ النَّظْمِ، وَلَمْ يَكُنْ الشَّرْطُ تَخْصِيصًا إذْ لَا دَلَالَةَ عَلَى عُمُومِ التَّقَادِيرِ حَتَّى يُقْصَرَ عَلَى الْبَعْضِ.

(قَوْلُهُ وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ) أَيْ وَجَوَّزَ تَعْجِيلَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ إذَا كَانَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>