للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدٍ عَلَى أَنَّا لَا نَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَى إقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْفِعْلُ، وَنَحْنُ فِي صَدَدِ الْمَنْعِ فَصَحَّ مَا قُلْنَا إنَّ الدَّلَائِلَ الدَّالَّةَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلْإِيجَابِ لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ لِلْإِيجَابِ.

(وَاللَّفْظُ كَافٍ) أَيْ الْأَمْرُ الْقَوْلِيُّ كَافٍ (لِلْمَقْصُودِ، وَهُوَ الْإِيجَابُ، وَالتَّرَادُفُ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَإِيجَابُ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اُسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صَلُّوا عَلَى أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى الْأَصْحَابِ صَوْمَ الْوِصَالِ، وَخَلْعَ النِّعَالِ مَعَ أَنَّهُ

ــ

[التلويح]

مَصْدَرٌ شَأَنْتُ، أَيْ قَصَدْت، وَذَكَرَ الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ لَفْظِ الْأَمْرِ فِي الْآيَةِ هُوَ الْقَوْلُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ {فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ} [هود: ٩٧] ، أَيْ أَطَاعُوهُ فِيمَا أَمَرَهُمْ بِهِ {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} [هود: ٩٧] فَوَصْفُهُ بِالرُّشْدِ مَجَازٌ مِنْ بَابِ وَصْفِ الشَّيْءَ بِوَصْفِ صَاحِبِهِ، (وَقَوْلُهُ سَلَّمْنَا) لَمَّا كَانَ الْأَصْلُ، وَهُوَ كَوْنُ الْأَمْرِ حَقِيقَةً فِي الْفِعْلِ بَحْثًا لُغَوِيًّا رُبَّمَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ بِالنَّقْلِ عَنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَالشُّيُوعِ فِي الِاسْتِعْمَالِ سَلَّمَهُ وَاشْتَغَلَ بِمَا هُوَ مِنْ مَبَاحِثِ الْأُصُولِ، وَهُوَ كَوْنُ الْفِعْلِ مُوجِبًا أَوْ غَيْرَ مُوجِبٍ فَأَبْطَلَ التَّفْرِيعَ أَوَّلًا، وَالْفَرْعَ ثَانِيًا، وَالدَّلِيلَ ثَالِثًا أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّ الدَّلَائِلَ الْمَذْكُورَةَ عَلَى كَوْنِ الْأَمْرِ لِلْإِيجَابِ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِمَعْنَى الْقَوْلِ الْمَخْصُوصِ لِلْإِيجَابِ، وَلَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِمَعْنَى فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْإِيجَابِ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَاسْتِدْلَالُ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ غَيْرُ مُرَادٍ بِأَنَّ الْقَوْلَ مُرَادٌ إجْمَاعًا فَلَا يُرَادُ الْفِعْلُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ لَا عُمُومَ لَهُ، وَلَمَّا كَانَ مَذْهَبُ الْخَصْمِ عُمُومَ الْمُشْتَرَكِ أَعْرَضَ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ إلَى الْمَنْعِ؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ هُوَ الَّذِي يَسْتَدِلُّ عَلَى كَوْنِ الْأَمْرِ لِلْإِيجَابِ قَوْلًا كَانَ أَوْ فِعْلًا فَيَكْفِينَا أَنْ نَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْأَمْرَ بِمَعْنَى الْفِعْلِ مُرَادٌ مِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى كَوْنِ الْأَمْرِ لِلْوُجُوبِ أَمَّا فِي غَيْرِ قَوْله تَعَالَى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: ٦٣] فَظَاهِرٌ عَلَى مَا سَتَعْرِفُهُ، وَأَمَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَلِتَوَقُّفِهِ عَلَى عُمُومِ الْمُشْتَرَكِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَأَمَّا الثَّانِي، وَهُوَ إبْطَالُ كَوْنِ الْفِعْلِ مُوجِبًا فَلِأَنَّ تَعَدُّدَ الدَّالِّ مَعَ اتِّحَادِ الْمَدْلُولِ خِلَافُ الْأَصْلِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِوَاحِدٍ اتِّفَاقًا، وَهَاهُنَا اللَّفْظُ مَوْضُوعٌ لِلْإِيجَابِ اتِّفَاقًا فَالْقَوْلُ بِكَوْنِ الْفِعْلِ أَيْضًا لِلْإِيجَابِ مَصِيرٌ إلَى مَا هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَلَا يُرْتَكَبُ إلَّا بِدَلِيلٍ كَمَا فِي تَعَدُّدِ الْمَدْلُولِ مَعَ اتِّحَادِ الدَّالِّ أَعْنِي الِاشْتِرَاكَ، وَإِطْلَاقُ التَّرَادُفِ عَلَى تَوَافُقِ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْإِيجَابِ خِلَافُ الِاصْطِلَاحِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى تَوَافُقِ اللَّفْظَيْنِ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ وَاضِحٌ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمَوْضُوعَ لِلْمَعَانِي إنَّمَا هِيَ الْعِبَارَاتُ لَا غَيْرُ، وَهِيَ وَافِيَةٌ بِالْمَقَاصِدِ بَلْ زَائِدَةٌ عَلَيْهَا فَيَكُونُ الدَّالُّ عَلَى الْإِيجَابِ هُوَ الْقَوْلُ لَا الْفِعْلُ، وَأَيْضًا الْمَقْصُودُ بِالْأَمْرِ مِنْ أَعْظَمِ الْمَقَاصِدِ لِكَوْنِهِ مَبْنَى الْأَحْكَامِ، وَمَنَاطَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ فَيَجِبُ أَنْ يَخْتَصَّ بِالصِّيغَةِ، وَلَا يَحْصُلَ بِغَيْرِهَا كَمَقَاصِدِ الْمَاضِي وَالْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِصِيَغِهَا، وَكِلَاهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>