للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَدَمَ الَّذِي قَبْلَ الْوُجُودِ قَدِيمٌ فَيَلْزَمُ قِدَمُ زَيْدٍ الْحَادِثِ، ثُمَّ عَدَمُ عَمْرٍو الَّذِي بَعْدَ الْوُجُودِ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِزَوَالِ جُزْءٍ مِنْ الْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِوُجُودِ عَمْرٍو أَوْ بَقَائِهِ، وَذَلِكَ الْجُزْءُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا مَحْضًا فَيَصِيرُ مَعْدُومًا وَهَذَا لَا يُمْكِنُ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَعْدُومًا إلَّا بِعَدَمِ جُزْءٍ مِنْ عِلَّةِ وُجُودِهِ أَوْ بَقَائِهِ، وَهَلُمَّ جَرَّا إلَى الْوَاجِبِ فَلَا يُمْكِنُ عَدَمُ عَمْرٍو حِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُ وُجُودُ زَيْدٍ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى عَدَمِ عَمْرٍو، وَكَلَامُنَا فِي زَيْدٍ الْمَوْجُودِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِزَوَالِ الْعَدَمِ مَدْخَلٌ فِي زَوَالِ ذَلِكَ الْجُزْءِ، وَزَوَالُ ذَلِكَ الْعَدَمِ هُوَ الْوُجُودُ.

وَنَفْرِضُهُ وُجُودَ بَكْرٍ فَعَدَمُ عَمْرٍو يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ بَكْرٍ، وَقَدْ فَرَضْنَاهُ وُجُودَ زَيْدٍ مُتَوَقِّفًا عَلَى عَدَمِ عَمْرٍو فَيَلْزَمُ تَوَقُّفُ وُجُودِ زَيْدٍ عَلَى وُجُودِ بَكْرٍ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ جَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ الَّتِي يَفْتَقِرُ إلَيْهَا زَيْدٌ هَذَا خُلْفٌ، وَإِذَا ثَبَتَ الْقَضِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ يَلْزَمُ أَنَّهُ كُلَّمَا عُدِمَ زَيْدٌ لَا يَكُونُ عَدَمُهُ إلَّا بِعَدَمِ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْمَوْجُودَاتِ، ثُمَّ هَكَذَا الْوَاجِبُ فَيَثْبُتُ عَلَى تَقْدِيرِ افْتِقَارِ وُجُودِ كُلِّ مُمْكِنٍ إلَى شَيْءٍ يَجِبُ ذَلِكَ الْمُمْكِنُ عِنْدَهُ دُخُولُ مَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ، وَلَا

ــ

[التلويح]

الْقَدِيمِ.

وَأَمَّا الثَّانِي: وَهُوَ تَوَقُّفُ وُجُودِ زَيْدٍ عَلَى عَدَمِ عَمْرٍو اللَّاحِقِ أَعْنِي عَدَمَهُ الْحَادِثَ بَعْدَ وُجُودِهِ؛ فَلِأَنَّ عَدَمَ عَمْرٍو بَعْدَ وُجُودِهِ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِزَوَالِ شَيْءٍ لِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُودُ عَمْرٍو أَوْ بَقَاؤُهُ إذْ لَوْ وُجِدَ عِلَّةُ الْوُجُودِ وَالْبَقَاءُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا امْتَنَعَ عَدَمُ الْمَعْلُولِ لِمَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ وُجُودِ الْمُمْكِنِ عِنْدَ وُجُودِ عِلَّتِهِ التَّامَّةِ فَذَلِكَ الْجُزْءُ الَّذِي يَحْدُثُ عَدَمُ عَمْرٍو بِزَوَالِهِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا مَحْضًا فَيَزُولَ بِأَنْ يَصِيرَ مَعْدُومًا، وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ مَوْجُودًا مَحْضًا بَلْ مَعْدُومًا مَحْضًا أَوْ مُرَكَّبًا مِنْ الْمَوْجُودِ، وَالْمَعْدُومِ، وَلَا يَكُونُ زَوَالًا بِزَوَالِ الْمَوْجُودِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ بِعَيْنِهِ بَلْ بِزَوَالِ الْمَعْدُومِ أَوْ بِزَوَالِ كِلَا الْجُزْأَيْنِ أَعْنِي الْمَوْجُودَ، وَالْمَعْدُومَ، وَزَوَالُ الْمَعْدُومِ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِزَوَالِ عَدَمِهِ فَلِذَا عَبَّرَ عَنْ هَذَا الشِّقِّ بِقَوْلِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِزَوَالِ الْعَدَمِ مَدْخَلٌ فِي زَوَالِ ذَلِكَ الْجُزْءِ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ، وَذَلِكَ الْجُزْءُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا مَحْضًا فَكَأَنَّهُ قَالَ إمَّا أَنْ لَا يَكُونَ لِزَوَالِ الْعَدَمِ مَدْخَلٌ فِي زَوَالِ ذَلِكَ الْجُزْءِ الَّذِي يَنْعَدِمُ عَمْرٌو بِزَوَالِهِ أَوْ يَكُونُ.

وَكِلَا الْقِسْمَيْنِ بَاطِلٌ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ انْعِدَامَ ذَلِكَ الْجُزْءِ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِزَوَالِ جُزْءٍ مِنْ عِلَّةِ وُجُودِهِ أَوْ بَقَائِهِ وَنَنْقُلُ الْكَلَامَ إلَى ذَلِكَ الْجُزْءِ بِأَنَّهُ إمَّا مَعْدُومٌ صَارَ مَوْجُودًا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَإِمَّا مَوْجُودٌ صَارَ مَعْدُومًا، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِانْعِدَامِ شَيْءٍ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُودُهُ، وَهَلُمَّ جَرَّا إلَى الْوَاجِبِ فَيَلْزَمُ انْتِفَاءُ الْوَاجِبِ، وَهُوَ مُحَالٌ، وَمَا يَسْتَلْزِمُ الْمُحَالَ مُحَالٌ فَيَلْزَمُ اسْتِحَالَةَ وُجُودِ زَيْدٍ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْمُحَالِ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي زَيْدٍ الْمَوْجُودِ، وَأَمَّا الثَّانِي، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِزَوَالِ الْعَدَمِ مَدْخَلٌ فِي زَوَالِ ذَلِكَ الْجُزْءِ فَلِأَنَّ زَوَالَ الْعَدَمِ وُجُودٌ، وَلْنَفْرِضْهُ وُجُودَ بَكْرٍ فَيَكُونُ وُجُودُ زَيْدٍ بَعْدَ تَحَقُّقِ مَجْمُوعِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْجُودَاتِ مَوْقُوفًا عَلَى وُجُودِ بَكْرٍ ضَرُورَةَ تَوَقُّفِهِ عَلَى عَدَمِ عَمْرٍو الْمَوْقُوفِ عَلَى زَوَالِ جُزْءِ عِلَّتِهِ الْمَوْقُوفُ عَلَى وُجُودِ بَكْرٍ هَذَا خُلْفٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>