بَعْضِ الْأَشْيَاءِ بِلَا وُجُوبٍ نَمْنَعُ وُجُوبَ تِلْكَ الْحَالَةِ فَلَا يَلْزَمُ الْجَبْرُ عَلَى أَنَّا قَدْ أَبْطَلْنَا هَذَا التَّقْدِيرَ لَكِنَّ إثْبَاتَ الْمَطْلُوبِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَيْضًا أَقْرَبُ مِنْ الِاحْتِيَاطِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ امْتِنَاعِ وُجُودِ الْأَشْيَاءِ بِلَا وُجُوبِ الْجَبْرِ مُنْتَفٍ أَيْضًا إمَّا بِالْقَوْلِ بِأَنَّ اخْتِيَارَ الِاخْتِيَارِ عَيْنُ الِاخْتِيَارِ فَلَا يَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ الْمُرَجِّحِ مِنْ الْعَبْدِ، وَإِمَّا بِأَنَّهُ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ تَوَقُّفُ الْمَوْجُودِ
ــ
[التلويح]
الْوُجُودِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مَعْدُومًا فَلَا يَكُونُ جَانِبُ الْوُجُودِ رَاجِحًا، وَإِنَّمَا يَتَرَجَّحُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْوُجُودِ، وَزَوَالِ الْعَدَمِ، وَهَذَا جَيِّدٌ إلَّا أَنَّ تَخْصِيصَ الرُّجْحَانِ بِالْوُجُودِ لَيْسَ كَمَا يَنْبَغِي بَلْ الْعَدَمُ أَيْضًا كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَتَرَجَّحُ بِعَدَمِ عِلَّةِ الْوُجُودِ فَكَمَا أَنَّ وُجُودَ الْمُمْكِنِ بِلَا عِلَّةِ الْوُجُودِ مُحَالٌ كَذَلِكَ عَدَمُهُ بِلَا عِلَّةِ الْعَدَمِ، وَهُوَ عَدَمُ عِلَّةٍ الْوُجُودِ مُحَالٌ.
(قَوْلُهُ إذَا عَرَفْت) هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ الْأَرْبَعَ فَنَقُولُ فِي الْجَوَابِ عَنْ الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ عَلَى أَنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ فِي قَوْلِكُمْ أَنَّ تَوَقُّفَ فِعْلِ الْعَبْدِ عَلَى مُرَجِّحٍ يَجِبُ وُجُودُ الْفِعْلِ عِنْدَ وُجُودِ الْمُرَجِّحِ أَمَّا الْمَعْنَى الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ كَالْحَالَةِ الَّتِي تَكُونُ لِلْمُتَحَرِّكِ فِي أَيِّ جُزْءٍ يُفْرَضُ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسَافَةِ وَأَمَّا نَفْسُ الْمَعْنَى الَّذِي وُضِعَ الْمَصْدَرُ بِإِزَائِهِ، وَهُوَ الْإِحْدَاثُ، وَالْإِيقَاعُ كَإِيقَاعِ تِلْكَ الْحَرَكَةِ فَإِنْ أُرِيدَ الْأَوَّلُ فَالْجَبْرُ أَيْ عَدَمُ اخْتِيَارِ الْعَبْدِ فِي فِعْلِهِ مُنْتَفٍ إمَّا عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ تَوَقُّفِ وُجُودِ الْمُمْكِنِ عَلَى وُجُوبِهِ فَظَاهِرٌ إذْ الْجَبْرُ إنَّمَا كَانَ يَلْزَمُ مِنْ الْوُجُوبِ، وَعَدَمِ بَقَاءِ الِاخْتِيَارِ، وَهَذَا التَّقْدِيرُ، وَإِنْ بَيَّنَ بُطْلَانَهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ الثَّانِيَةِ إلَّا أَنَّ إثْبَاتَ الْمَطْلُوبِ أَعْنِي عَدَمَ الْجَبْرِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ ثُبُوتُ الْجَبْرِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ التَّقْدِيرَيْنِ وَإِمَّا عَلَى تَقْدِيرِ تَوَقُّفِ وُجُودِ كُلِّ مُمْكِنٍ عَلَى وُجُوبِهِ فَلِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَجِّحُ مِنْ الْفَاعِلِ، وَبِاخْتِيَارِهِ قَوْلُكُمْ نُقِلَ الْكَلَامُ إلَى الِاخْتِيَارِ أَنَّهُ بِاخْتِيَارِهِ فَيَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ أَوَّلًا بِاخْتِيَارِهِ فَيَلْزَمُ الِاضْطِرَارُ، قُلْنَا: هُوَ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَا نُسَلِّمُ لُزُومَ التَّسَلْسُلِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ اخْتِيَارُ الِاخْتِيَارِ أَوْ نَقُولُ لَا يَجِبُ عِنْدَ وُجُودِ الْمُرَجِّحِ لِجَوَازِ تَوَقُّفِهِ عَلَى أَمْرٍ آخَرَ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ، وَلَا مَعْدُومٍ، وَوُجُودُ الْمُرَجِّحِ التَّامِّ أَيْ وُجُودُ جُمْلَةِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ لَا يُنَافِي التَّوَقُّفَ عَلَى تَحَقُّقِ مَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ، وَلَا مَعْدُومٍ كَالْإِيقَاعِ فَإِنْ قِيلَ: تَنْقُلُ الْكَلَامَ إلَى صُدُورِ الْإِيقَاعِ عَنْ الْفَاعِلِ، قُلْنَا: يَجِبُ بِطَرِيقِ التَّسَلْسُلِ فِي الْإِيقَاعَاتِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَوْجُودَاتٍ حَتَّى يَسْتَحِيلَ التَّسَلْسُلُ فِيهَا أَوْ بِطَرِيقِ عَدَمِ التَّسَلْسُلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إيقَاعَ الْإِيقَاعِ عَيْنُ الْإِيقَاعِ أَوْ لَا يَجِبُ أَصْلًا، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ إسْنَادَ الْأُمُورِ اللَّامَوْجُودَةِ، واللَّامَعْدُومةِ كَالْإِيقَاعِ مَثَلًا لَيْسَ بِطَرِيقِ الْإِيجَابِ بَلْ بِطَرِيقِ الصِّحَّةِ، وَالِاخْتِيَارِ فَإِنَّ الْإِيقَاعَ، وَعَدَمَهُ مُتَسَاوِيَانِ بِالنَّظَرِ إلَى اخْتِيَارِ الْفَاعِلِ فَهُوَ يَخْتَارُ الْإِيقَاعَ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ تَرْجِيحًا لِأَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ بِاخْتِيَارِهِ، وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute