للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُبْتَنَى عَلَى نَفْسِ الْوُجُوبِ لَا عَلَى وُجُوبِ الْأَدَاءِ كَمَا فِي قَضَاءِ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ الصَّوْمَ، وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ هَذِهِ الْقُدْرَةِ) أَيْ: الْمُمَكِّنَةِ (لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ إذْ التَّمَكُّنُ عَلَى الْأَدَاءِ يَسْتَغْنِي عَنْ بَقَائِهَا) أَيْ: اسْتِمْرَارِهَا فَلِهَذَا لَا تُشْتَرَطُ لِلْقَضَاءِ فَلِهَذَا إذَا مَلَكَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ فَلَمْ يَحُجَّ فَهَلَكَ الْمَالُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ وَجَبَ بِالْقُدْرَةِ الْمُمَكِّنَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ أَدْنَى مَا يُتَمَكَّنُ بِهِ (عَلَى هَذَا السَّفَرِ غَالِبًا) اعْلَمْ أَنَّ جَعْلَ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ مِنْ الْقُدْرَةِ الْمُمَكِّنَةِ يُنَاقِضُ قَوْلَهُ: لِأَنَّ الْقُدْرَةَ الَّتِي شَرَطْنَاهَا مُتَقَدِّمَةً إلَخْ.

(وَالْقُدْرَةُ الْمُيَسِّرَةُ مَا يُوجِبُ الْيُسْرَ عَلَى الْأَدَاءِ كَالنَّمَاءِ فِي الزَّكَاةِ، وَيُشْتَرَطُ بَقَاؤُهَا لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ لِئَلَّا يَنْقَلِبَ إلَى الْعُسْرِ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي هَلَاكِ النِّصَابِ بَعْدَ الْحَوْلِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ بِخِلَافِ الِاسْتِهْلَاكِ؛ لِأَنَّهُ تَعَدٍّ، فَإِنْ قِيلَ لَمَّا شَرَطْتُمْ بَقَاءَهَا لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ يَجِبُ أَنْ يُشْتَرَطَ بَقَاءُ النِّصَابِ لِلْوُجُوبِ فِي الْبَعْضِ فَلَا تَجِبُ بَعْدَ هَلَاكِ بَعْضِهِ فِي الْبَاقِي)

ــ

[التلويح]

لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ وَالسَّنَدُ هُوَ وُجُوبُ قَضَاءِ صَوْمِ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ مَعَ عَدَمِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا آخَرَ عَنْ دَلِيلِ زُفَرَ وَأَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءَ كَلَامٍ يَعْنِي أَنَّ الْقَضَاءَ إنَّمَا يَجِبُ لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ بِالسَّبَبِ السَّابِقِ، وَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوطٍ بِبَقَاءِ الْقُدْرَةِ الْمُمَكِّنَةِ لِأَنَّ الْمُفْتَقِرَ إلَى حَقِيقَةِ هَذِهِ الْقُدْرَةِ وَبَقَائِهَا هُوَ حَقِيقَةُ الْأَدَاءِ، وَأَمَّا التَّمَكُّنُ مِنْ الْأَدَاءِ فَمُسْتَغْنٍ عَنْ بَقَائِهَا بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ إمْكَانِهَا وَتَوَهُّمِهَا، وَإِذَا كَانَ الْوُجُوبُ بَاقِيًا بِدُونِ بَقَاءِ هَذِهِ الْقُدْرَةِ، كَانَ الْقَضَاءُ ثَابِتًا بِدُونِهَا فَلَا يَكُونُ شَرْطًا لِلْقَضَاءِ بَلْ لِلْأَدَاءِ فَقَطْ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَلَا يَلْزَمُ تَكْلِيفُ مَا لَيْسَ فِي الْوُسْعِ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ ابْتِدَاءَ تَكْلِيفٍ بَلْ بَقَاءُ التَّكْلِيفِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ مِنْ أَنَّ الْقَضَاءَ إنَّمَا هُوَ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ لَا بِنَصٍّ جَدِيدٍ، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ هَذِهِ الْقُدْرَةِ بِالْأَدَاءِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي النَّفَسِ الْأَخِيرِ مِنْ الْعُمْرِ قَضَاءُ جَمِيعِ الْمَتْرُوكَاتِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ مَعَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِيَظْهَرَ أَثَرُهُ فِي الْخَلَفِ كَمَا فِي الْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْ الْوَقْتِ إذْ لَا خَلَفَ لِلْقَضَاءِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا اُعْتُبِرَ لِيَظْهَرَ أَثَرُهُ فِي الْمُؤَاخَذَةِ فِي الْآخِرَةِ كَالْمَيِّتِ يَبْقَى عَلَيْهِ الْوَاجِبَاتُ فِي حَقِّ بَقَاءِ الْإِثْمِ الْمُؤَاخَذَةُ مَعَ أَنَّ الْمَوْتَ عَجْزٌ كُلِّيٌّ يَسْقُطُ مَعَهُ الْفِعْلُ قَطْعًا، وَمِنْ هَاهُنَا قِيلَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَدَاءِ، وَالْقَضَاءِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إنْ كَانَ مَطْلُوبًا لِنَفْسِ الْفِعْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ الْقُدْرَةِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْفِعْلُ بِدُونِهَا، وَإِنْ كَانَ مَطْلُوبًا لِأَمْرٍ آخَرَ يَكْفِي تَوَهُّمُ الْقُدْرَةِ فَفِي النَّفَسِ الْأَخِيرِ تَبْقَى الْوَاجِبَاتُ بِتَوَهُّمِ امْتِدَادِ الْوَقْتِ لِيَظْهَرَ أَثَرُهُ فِي الْمُؤَاخَذَةِ، وَكَذَا الصَّلَاةُ بَعْدَ فَوَاتِ الْقُدْرَةِ تَبْقَى فِي الذِّمَّةِ لِتَوَهُّمِ حُدُوثِ الْقُدْرَةِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمَا مِنْ الْقُدْرَةِ الْمُمَكِّنَةِ حَتَّى لَا يَشْتَرِطُ بَقَاءَهُمَا وُجُوبُ الْحَجِّ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا مِنْ قَبِيلِ الْآلَاتِ الَّتِي هِيَ وَسَائِطُ حُصُولِ الْمَطْلُوبِ فَجَعْلُهُمَا مِنْ الْقُدْرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>