للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَاصِلَةِ بِالْإِيقَاعِ فَلُزُومُ ذَلِكَ الْإِيقَاعِ يَكُونُ نَفْسَ الْوُجُوبِ فَإِذَا تَصَوَّرَهُ الْعَقْلُ لَازِمُ الْوُقُوعِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ إيقَاعٍ فَلَزِمَ إيقَاعُ الْإِيقَاعِ هُوَ وُجُوبُ الْأَدَاءِ، وَقَدْ يُوجَدُ نَفْسُ الْوُجُوبِ بِدُونِ الْوُجُوبِ الْأَدَاءِ كَمَا فِي الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، فَإِنَّ لُزُومَ وُجُودِ الْحَالَةِ الَّتِي هِيَ الصَّوْمُ حَاصِلٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ اللُّزُومَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ السَّبَبَ دَاعٍ إلَيْهِ وَالْمَحَلُّ وَهُوَ الْمُكَلَّفُ صَالِحٌ لِهَذَا فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ اللُّزُومُ لَمَا كَانَ السَّبَبُ سَبَبًا لَكِنْ لَا يَجِبُ إيقَاعُهُ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَاقِعًا إذَا وُجِدَ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَالْبَيْعُ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ، وَقَدْ مَلَكَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَمْلِكَ الْبَائِعُ مَالًا عَلَى الْمُشْتَرِي تَحْقِيقًا لِلْمُبَادَلَةِ فَهَذَا نَفْسُ الْوُجُوبِ، ثُمَّ لُزُومُ أَدَاءِ الْمَالِ الْوَاجِبِ

ــ

[التلويح]

بِأَنْ يَفْعَلَ بَعْدَ الِانْتِبَاهِ، وَالْمَرِيضُ مُخَاطَبٌ بِأَنْ يَفْعَلَ فِي الْوَقْتِ أَوْ فِي أَيَّامٍ أُخَرَ كَمَا فِي الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ، وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ جَوَّزُوا خِطَابَ الْمَعْدُومِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ صُدُورُ الْفِعْلِ حَالَةَ الْوُجُودِ حَتَّى قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ الْقُدْرَةُ الَّتِي بِهَا يَتَمَكَّنُ الْمَأْمُورُ مِنْ الْأَدَاءِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُهَا عِنْدَ الْأَمْرِ بَلْ عِنْدَ الْأَدَاءِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ مَبْعُوثًا إلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَصَحَّ أَمْرُهُ فِي حَقِّ مَنْ وُجِدَ بَعْدَهُ، وَيَلْزَمُهُمْ الْأَدَاءُ بِشَرْطِ أَنْ يَبْلُغَهُمْ وَيَتَمَكَّنُوا مِنْ الْأَدَاءِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ كَالْمَرِيضِ يُؤْمَرُ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ إذَا بَرَّأَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [النساء: ١٠٣] أَيْ إذَا أَمِنْتُمْ مِنْ الْخَوْفِ فَصَلُّوا بِلَا إيمَاءٍ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالسَّبَبِ الدَّاعِي) لَا الْمُوجِدُ الْمُؤَثِّرُ فِي حُصُولِ الشَّيْءِ حَتَّى يَمْنَعَ صَلَاحِيَّةَ الْوَقْتِ لِلسَّبَبِيَّةِ.

(قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كَانَ السَّبَبُ بِذَاتِهِ) يَعْنِي أَنَّ الْوُجُوبَ هُوَ لُزُومُ مَا كَانَ السَّبَبُ دَاعِيًا إلَيْهِ، وَوُجُوبُ الْأَدَاءِ لُزُومُ إيقَاعِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي يَسْتَدْعِيهِ السَّبَبُ إيقَاعًا أَوْ غَيْرَ إيقَاعٍ حَتَّى لَوْ كَانَ إيقَاعًا فَنَفْسُ الْوُجُوبِ هُوَ لُزُومُ الْإِيقَاعِ، وَوُجُوبُ الْأَدَاءِ هُوَ لُزُومُ إيقَاعِ الْإِيقَاعِ، وَفِي هَذَا دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ إنَّ الْوَاجِبَ رُبَّمَا يَكُونُ الْفِعْلَ بِمَعْنَى الْإِيقَاعِ فَيَكُونُ لُزُومُ الْإِيقَاعِ نَفْسَ الْوُجُوبِ لَا وُجُوبَ الْأَدَاءِ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا كَانَ الْوَقْتُ) لَا خَفَاءَ فِي أَنَّ الشَّرْطَ هُوَ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ مِنْ الْوَقْتِ وَالظَّرْفِ هُوَ مُطْلَقُ الْوَقْتِ حَتَّى يَقَعَ أَدَاءٌ فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْوَقْتِ أَوْقَعَهُ عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُؤَدِّي بِنِيَّةِ الْفَرْضِ وَالْأَدَاءِ وَلَا يَعْصِي بِالتَّأْخِيرِ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَأَمَّا السَّبَبُ فَكُلُّ الْوَقْتِ إنْ أَخْرَجَ الْفَرْضَ عَنْ وَقْتِهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَإِلَّا فَالْبَعْضُ إذْ لَوْ كَانَ هُوَ الْكُلُّ لَزِمَ تَقَدُّمُ الْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ أَوْ وُجُوبُ الْأَدَاءِ بَعْدَ وَقْتِهِ، وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ بِالضَّرُورَةِ، أَمَّا لُزُومُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فَلِأَنَّ الصَّلَاةَ إنْ وَجَبَتْ بَعْدَ الْوَقْتِ فَهُوَ الْأَمْرُ الثَّانِي، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ وَجَبَتْ فِي الْوَقْتِ لَزِمَ تَقَدُّمُ وُجُوبِهَا عَلَى السَّبَبِ الَّذِي هُوَ جَمِيعُ الْوَقْتِ ضَرُورَةَ أَنَّ الْكُلَّ لَا يُوجَدُ إلَّا بِوُجُودِ جَمِيعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>