للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَوَى الْمُسَافِرُ وَاجِبًا آخَرَ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوعَ فِي هَذَا الْيَوْمِ هَذَا لَا غَيْرُ) إشَارَةٌ إلَى الصَّوْمِ الْمَخْصُوصِ بِرَمَضَانَ.

(فِي حَقِّ الْجَمِيعِ وَلِهَذَا يَصِحُّ الْأَدَاءُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُسَافِرِ.

(لَكِنَّهُ رَخَّصَ بِالْفِطْرِ، وَذَا لَا يَجْعَلُ غَيْرَهُ مَشْرُوعًا فِيهِ قُلْنَا لَمَّا رُخِّصَ فِيهِ لِمَصَالِحِ بَدَنِهِ فَمَصَالِحُ دِينِهِ، وَهُوَ قَضَاءُ دِينِهِ أَوْلَى، وَإِنَّمَا لَمْ يُشْرَعْ لِلْمُسَافِرِ غَيْرُهُ إنْ أَتَى بِالْعَزِيمَةِ، وَهُنَا لَمْ يَأْتِ إذْ صَامَ وَاجِبًا آخَرَ) جَوَابٌ عَمَّا قَالَا إنَّ الْمَشْرُوعَ فِي هَذَا الْيَوْمِ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ صَوْمُ رَمَضَانَ لَا غَيْرُ فَنَقُولُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمَشْرُوعَ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ هَذَا لَا غَيْرُ مُطْلَقًا بَلْ إنْ أَتَى الْمُسَافِرُ بِالْعَزِيمَةِ أَمَّا إذَا أَعْرَضَ عَنْهَا فَلَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ.

(وَلِأَنَّ وُجُوبَ الْأَدَاءِ سَاقِطٌ عَنْهُ فَصَارَ هَذَا الْوَقْتُ فِي حَقِّهِ كَشَعْبَانَ فَعَلَى الدَّلِيلِ الْأَوَّلِ) وَهُوَ قَوْلُهُ فَمَصَالِحُ دِينِهِ وَهُوَ قَضَاءُ دِينِهِ أَوْلَى.

(إنْ شَرَعَ فِي النَّفْلِ يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا شَرَعَ فِي وَاجِبٍ آخَرَ إنَّمَا يَقَعُ عَنْهُ لِمَصَالِحِ دِينِهِ، فَإِنَّ قَضَاءَ

ــ

[التلويح]

مِنْ النَّصِّ وَالْإِضَافَةِ فَإِنَّ الشَّهْرَ اسْمٌ لِلْمَجْمُوعِ إلَّا أَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ مِنْهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَقَدُّمُ الشَّيْءِ عَلَى سَبَبِهِ، وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ أَهْلًا فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ، ثُمَّ جُنَّ قَبْلَ الْإِصْبَاحِ وَأَفَاقَ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ حَتَّى يَلْزَمَهُ الْقَضَاءُ، وَلِهَذَا يَجُوزُ نِيَّةُ أَدَاءِ الْفَرْضِ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى مَعَ عَدَمِ جَوَازِ النِّيَّةِ قَبْلَ سَبَبِ الْوُجُوبِ كَمَا إذَا نَوَى قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَسَبَبِيَّةُ اللَّيْلِ لَا تَقْتَضِي جَوَازَ الْأَدَاءِ فِيهِ كَمَنْ أَسْلَمَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَأَيْضًا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ» يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الرُّؤْيَةِ إجْمَاعًا بَلْ مَا يَثْبُتُ بِهَا وَهُوَ شُهُودُ الشَّهْرِ وَلَا لَا جِهَةَ لِلتَّعْبِيرِ بِالرُّؤْيَةِ عَنْ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ، وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَإِنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ إلَّا أَنَّهَا أَمَارَاتٌ تُفِيدُ بِمَجْمُوعِهَا رُجْحَانَ سَبَبِيَّةِ شُهُودِ الشَّهْرِ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ وُجُوبَ الْأَدَاءِ) عَطْفٌ عَلَى مَضْمُونِ الْكَلَامِ السَّابِقِ كَأَنَّهُ قَالَ إذَا نَوَى وَاجِبًا آخَرَ يَقَعُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَخَّصَ إلَخْ، وَلِأَنَّ وُجُوبَ الْأَدَاءِ سَاقِطٌ عَنْهُ فَصَارَ رَمَضَانُ فِي حَقِّهِ أَيْ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ بَلْ فِي حَقِّ أَدَائِهِ وَتَسْلِيمِ مَا عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ شَعْبَانَ، وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي حَقِّ أَدَائِهِ فِي حَقِّ نَفْسِ الْوُجُوبِ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ شَعْبَانَ لِتَحَقُّقِ سَبَبِ الْوُجُوبِ فِيهِ دُونَ شَعْبَانَ.

(قَوْلُهُ وَهُنَا رِوَايَتَانِ) رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْفَرْضِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَرَوَى الْحَسَنُ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ النَّفْلِ هَذَا إذَا نَوَى النَّفَلَ، وَإِنْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ فَقِيلَ يَقَعُ عَنْ الْفَرْضِ عَلَى مُقْتَضَى رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ فِي نِيَّةِ النَّفْلِ وَعَنْ النَّفْلِ عَلَى مُقْتَضَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْفَرْضِ عَلَى جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعْرِضْ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ بِصَرِيحِ نِيَّةِ النَّفْلِ فَانْصَرَفَ إطْلَاقُ النِّيَّةِ مِنْهُ إلَى صَوْمِ الْوَقْتِ كَالْمُقِيمِ، فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ جَازَ تَرْكُ الدَّلِيلِ الثَّانِي بِالْكُلِّيَّةِ قُلْنَا؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ إنَّمَا يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ شَعْبَانَ إذَا تَحَقَّقَ مِنْهُ الْإِعْرَاضُ عَنْ الْعَزِيمَةِ، وَذَلِكَ بِنِيَّةِ صَرِيحِ النَّفْلِ أَوْ وَاجِبٍ آخَرَ.

(قَوْلُهُ وَفِي هَذَا الْكَلَامِ نَظَرٌ) جَوَابُهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>