للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِجُزْئِهِ لِعَدَمِ الْجُزْءِ لَهُ فَلُحُوقُ بَعْضِهَا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِذَاتِهِ قَطْعًا لِلتَّسَلْسُلِ فِي الْمَبْدَأِ فَلُحُوقُ الْبَعْضِ الْآخَرِ إنْ كَانَ لِذَاتِهِ فَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ نَتَكَلَّمُ فِي ذَلِكَ الْغَيْرِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى ذَاتِهِ قَطْعًا لِلتَّسَلْسُلِ فِي الْمَبْدَأِ. وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ اسْتِكْمَالُهُ مِنْ غَيْرِهِ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ مَوْضُوعَ عِلْمَيْنِ وَيَكُونَ تَمِيزُهُمَا بِحَسَبِ الْأَعْرَاضِ الْمَبْحُوثِ عَنْهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اتِّحَادَ الْعِلْمَيْنِ وَاخْتِلَافَهُمَا بِحَسَبِ اتِّحَادِ الْمَعْلُومَاتِ وَاخْتِلَافِهَا وَالْمَعْلُومَاتُ هِيَ الْمَسَائِلُ فَكَمَا أَنَّ الْمَسَائِلَ تَتَّحِدُ وَتَخْتَلِفُ بِحَسْبِ مَوْضُوعَاتِهَا وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى مَوْضُوعِ الْعِلْمِ فَكَذَلِكَ تَتَّحِدُ الْمَسَائِلُ وَتَخْتَلِفُ بِحَسَبِ مَحْمُولَاتِهَا وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى تِلْكَ الْأَعْرَاضِ وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّ الِاصْطِلَاحَ جَرَى بِأَنَّ الْمَوْضُوعَ مُعْتَبَرٌ فِي ذَلِكَ لَا الْمَحْمُولَ فَحِينَئِذٍ

ــ

[التلويح]

ثُبُوتِ الْأَعْرَاضِ الذَّاتِيَّةِ الْمُتَنَوِّعَةِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ بِأَنَّ الْوَاحِدَ الْحَقِيقِيَّ الَّذِي لَا كَثْرَةَ فِي ذَاتِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ يَتَّصِفُ بِصِفَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا حَقِيقِيًّا كَالْقُدْرَةِ وَبَعْضُهَا إضَافِيًّا كَالْخَلْقِ وَبَعْضُهَا سَلْبِيًّا كَالتَّجَرُّدِ عَنْ الْمَادَّةِ وَالْمُتَّصِفُ بِصِفَاتٍ كَثِيرَةٍ مُتَّصِفٌ بِأَعْرَاضٍ ذَاتِيَّةٍ مُتَنَوِّعَةٍ ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ مِنْ تِلْكَ الصِّفَاتِ لَاحِقًا لَهُ لِجُزْئِهِ لِعَدَمِ الْجُزْءِ لَهُ وَلَا الْمُبَايِنِ لِامْتِنَاعِ احْتِيَاجِ الْوَاحِدِ الْحَقِيقِيِّ فِي صِفَاتِهِ إلَى أَمْرٍ مُنْفَصِلٍ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَرَّضَ لِهَذَا أَيْضًا وَحِينَئِذٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِحُقُوقِ كُلٍّ مِنْهَا لِصِفَةٍ أُخْرَى فَيَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ فِي الْمَبَادِئِ أَعْنِي الصِّفَاتِ الَّتِي كُلٌّ مِنْهَا مَبْدَأٌ لِصِفَةٍ أُخْرَى، وَهُوَ مُحَالٌ لِبُرْهَانِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكَلَامِ أَوْ يَكُونُ بَعْضُهَا لِذَاتِهِ فَيَثْبُتُ عَرَضُ ذَاتِيٌّ وَحِينَئِذٍ فَالْبَعْضُ الْآخَرُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِجُزْئِهِ لِمَا مَرَّ فَهُوَ إمَّا لِذَاتِهِ فَيَثْبُتُ عَرَضٌ ذَاتِيٌّ آخَرُ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْغَيْرُ مُبَايِنًا لِمَا مَرَّ، بَلْ يَكُونُ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مَا يَكُونُ لُحُوقُهُ لِذَاتِهِ وَإِلَّا لَزِمَ التَّسَلْسُلُ فِي الْمَبَادِئِ، فَإِنْ قِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى الْعَرَضِ الذَّاتِيِّ الْأَوَّلِ فَلَا يَلْزَمُ تَعَدُّدُ الْأَعْرَاضِ الذَّاتِيَّةِ وَلَوْ سُلِّمَ فَاللَّازِمُ تَعَدُّدُهَا، وَهُوَ غَيْرُ مَطْلُوبٍ وَالْمَطْلُوبُ تَنَوُّعُهَا، وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ قُلْنَا اللَّاحِقُ بِوَاسِطَةِ الْعَرَضِ الذَّاتِيِّ الْأَوَّلِ أَيْضًا عَرَضٌ ذَاتِيٌّ فَيَلْزَمُ التَّعَدُّدُ وَالصِّفَاتُ الْمُتَعَدِّدَةُ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ مُتَنَوِّعَةٌ لَا مَحَالَةَ ضَرُورَةَ أَنَّ اخْتِلَافَ أَشْخَاصِ نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْ الصِّفَاتِ إنَّمَا هُوَ بِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ.

قَوْلُهُ (وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ) عَطْفٌ عَلَى مَضْمُونِ الْكَلَامِ السَّابِقِ أَيْ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ اسْتِكْمَالُ الْوَاحِدِ الْحَقِيقِيِّ فِي صِفَاتِهِ بِالْغَيْرِ، وَهُوَ مُحَالٌ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ النُّقْصَانَ فِي ذَاتِهِ وَالِاحْتِيَاجَ فِي كَمَالَاتِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ الِاسْتِكْمَالُ بِالْأَمْرِ الْمُنْفَصِلِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لُحُوقُ الْبَعْضِ الْآخَرِ لِصِفَةٍ، وَإِنْ أُرِيدَ أَعَمُّ مِنْ الْمُنْفَصِلِ وَالصِّفَةِ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ احْتِيَاجَ بَعْضِ الصِّفَاتِ إلَى الْبَعْضِ يُوجِبُ النُّقْصَانَ فِي الذَّاتِ كَيْفَ وَالْخَلْقُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>