للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْقَصِيدَةِ الْمُعَيَّنَةِ لَا يُمْكِنُ تَعَدُّدُهَا إلَّا بِحَسَبِ مَحَلِّهَا بِأَنْ يَقْرَأَهَا زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو فَعَنَيْنَا بِالشَّخْصِيِّ هَذَا وَالشَّخْصِيُّ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا يَقْبَلُ الْحَدَّ فَإِذَا سُئِلَ عَنْ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ لَا يَعْرِفُ أَصْلًا إلَّا بِأَنْ يُقَالَ هُوَ هَذَا التَّرْكِيبُ الْمَخْصُوصُ فَيُقْرَأُ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ فَإِنَّ مَعْرِفَتَهُ لَا تُمْكِنُ إلَّا بِهَذَا الطَّرِيقِ، وَقَدْ عَرَّفَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْقُرْآنَ بِأَنَّهُ الْكَلَامُ الْمُنَزَّلُ لِلْإِعْجَازِ بِسُورَةٍ مِنْهُ، فَإِنْ حَاوَلَ تَعْرِيفَ الْمَاهِيَّةِ يَلْزَمُ

ــ

[التلويح]

الْمُؤَلَّفِ الْمَخْصُوصِ الَّذِي لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُتَلَفِّظِينَ لِلْقَطْعِ بِأَنَّ مَا يَقْرَؤُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا هُوَ هَذَا الْقُرْآنُ الْمُنَزَّلُ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِلِسَانِ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَوْ كَانَ عِبَارَةً عَنْ ذَلِكَ الْمُشَخَّصِ الْقَائِمِ بِلِسَانِ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَكَانَ هَذَا مُمَاثِلًا لَهُ لَا عَيْنُهُ ضَرُورَةَ أَنَّ الْأَعْرَاضَ تَتَشَخَّصُ بِمَحَالِّهَا فَتَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِ الْمَحَالِّ وَكَذَا الْكَلَامُ فِي كُلِّ كِتَابٍ أَوْ شِعْرٍ يُنْسَبُ إلَى أَحَدٍ فَإِنَّهُ اسْمٌ لِذَلِكَ الْمُؤَلَّفِ الْمَخْصُوصِ سَوَاءٌ قَرَأَهُ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو أَوْ غَيْرُهُمَا وَإِذَا تَحَقَّقْت هَذَا فَالْعُلُومُ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَثَلًا النَّحْوُ عِبَارَةٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ الْمَخْصُوصَةِ سَوَاءٌ عَلِمَهَا زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو فَالْمُعْتَبَرُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ هُوَ الْوَاحِدَةُ فِي غَيْرِ الْمَحَالِّ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الْحَقُّ، وَهُوَ أَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ اسْمًا لِلشَّخْصِ الْحَقِيقِيِّ الْقَائِمِ بِلِسَانِ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خَاصَّةً يَكُونُ لِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّ الشَّخْصِيَّ لَا يُحَدُّ تَأْوِيلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الشَّخْصِيَّ الْحَقِيقِيَّ لَا يَقْبَلُ الْحَدَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ إلَّا بِالْإِشَارَةِ وَنَحْوِهَا فَكَذَا الْقُرْآنُ لَا يَقْبَلُ الْحَدَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ حَقِيقَةً إلَّا بِأَنْ يُقْرَأَ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ وَيُقَالُ هُوَ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ بِهَذَا التَّرْتِيبِ، وَثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ اصْطِلَاحًا عَلَى تَسْمِيَةِ مِثْلِ هَذَا الْمُؤَلَّفِ الَّذِي لَا يَتَعَدَّدُ إلَّا بِتَعَدُّدِ الْمَحَالِّ شَخْصِيًّا وَيُحْكَمُ بِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْحَدَّ لِامْتِنَاعِ مَعْرِفَةِ حَقِيقَتِهِ إلَّا بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ وَالْقِرَاءَةِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي تَعْرِيفِ الْحَقِيقَةِ.

وَأَمَّا إذَا قَصَدَ التَّمْيِيزَ فَهُوَ مُمْكِنٌ بِأَنْ يُقَالَ الْقُرْآنُ هُوَ الْمَجْمُوعُ الْمَنْقُولُ بَيْنَ دَفَّتَيْ الْمَصَاحِفِ تَوَاتُرًا كَمَا يُقَالُ الْكَشَّافُ هُوَ الْكِتَابُ الَّذِي صَنَّفَهُ جَارُ اللَّهِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، وَالنَّحْوُ عِلْمٌ يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ أَحْوَالِ الْكَلِمِ إعْرَابًا وَبِنَاءً.

قَوْلُهُ (فَإِنَّ الْأَعْرَاضَ تَنْتَهِي) أَيْ تَبْلُغُ بِوَاسِطَةِ الْمُشَخَّصَاتِ حَدًّا لَا يُمْكِنُ تَعَدُّدُهَا إلَّا بِتَعَدُّدِ الْمَحَالِّ كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ

قَفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلٍ

إلَى آخِرِ الْقَصِيدَةِ فَإِنَّهُ بِوَاسِطَةِ مُشَخَّصَاتِهِ مِنْ التَّأْلِيفِ الْمَخْصُوصِ مِنْ الْحُرُوفِ وَالْكَلِمَاتِ وَالْأَبْيَاتِ وَالْهَيْئَةِ الْحَاصِلَةِ بِالْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ بَلَغَ حَدًّا لَا يُمْكِنُ تَعَدُّدُهُ إلَّا بِتَعَدُّدِ اللَّافِظِ حَتَّى إذَا انْضَافَ إلَيْهِ لِشَخْصِ اللَّافِظِ أَيْضًا يَصِيرُ شَخْصِيًّا حَقِيقِيًّا لَا يَتَعَدَّدُ أَصْلًا فَالْمُصَنِّفُ اصْطَلَحَ عَلَى تَسْمِيَةِ مِثْلِ هَذَا الْمُؤَلَّفِ شَخْصِيًّا قَبْلَ أَنْ يَنْضَافَ إلَيْهِ تَشَخُّصُ الْمَحَلِّ وَيَصِيرُ شَخْصِيًّا حَقِيقِيًّا.

قَوْلُهُ (وَقَدْ عَرَّفَ ابْنُ الْحَاجِبِ) ظَاهِرُ تَعْرِيفِهِ لِلْمَجْمُوعِ الشَّخْصِيِّ دُونَ الْمَفْهُومِ الْكُلِّيِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِسُورَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>