الْمَعْنَى إذَا قُمْتُمْ مِنْ مَضَاجِعِكُمْ، وَالنَّوْمُ دَلِيلُ الْحَدَثِ وَلَمَّا كَانَ الْمَاءُ مُطَهِّرًا دَلَّ عَلَى قِيَامِ النَّجَاسَةِ فَاكْتَفَى فِيهِ) أَيْ فِي الْمَاءِ يَعْنِي فِي إيجَابِ الْوُضُوءِ
(بِدَلَالَةِ النَّصِّ) أَيْ عَلَى وُجُودِ الْحَدَثِ
(وَاخْتَارَ فِي التَّيَمُّمِ التَّصْرِيحَ) أَيْ بِوُجُودِ الْحَدَثِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: ٤٣] إلَى قَوْلِهِ: {فَتَيَمَّمُوا} [النساء: ٤٣]
(وَأَيْضًا فِيهِ إيمَاءٌ) أَيْ فِي النَّصِّ إشَارَةٌ
(إلَى أَنَّ الْوُضُوءَ عِنْدَ عَدَمِ الْحَدَثِ سُنَّةٌ لِكَوْنِهِ ائْتِمَارًا لِظَاهِرِ الْأَمْرِ وَعِنْدَ الْحَدَثِ وَاجِبٌ بِخِلَافِ الْغُسْلِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّةٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ) وَهَذَا وَجْهٌ آخَرُ لِتَرْكِ التَّصْرِيحِ بِالْحَدَثِ فِي الْوُضُوءِ وَالتَّصْرِيحِ بِهِ فِي التَّيَمُّمِ
(وَالْغَضَبُ لَا يُوجَدُ بِدُونِ شَغْلِ الْقَلْبِ وَلَا يَحِلُّ الْقَضَاءُ إلَّا بَعْدَ سُكُونِهِ) هَذَا مَنْعٌ
ــ
[التلويح]
الشَّارِعَ إذْ فِي الْقَوْلِ بِالطَّرَدِ فَتْحٌ لَبَابِ الْجَهْلِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الشَّرْعِ (قَوْلَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ لَهَا أَيْضًا) زِيَادَةُ تَنْبِيهٍ عَلَى بُعْدِ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الدَّوْرَانِ وَالْعِلِّيَّةِ يَعْنِي أَنَّ الْوُجُودَ عِنْدَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمَ عِنْدَ الْعَدَمِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَلْزُومِ لِلْعِلِّيَّةِ فَكَذَلِكَ لَيْسَ بِلَازِمٍ لَهَا لِجَوَازِ أَنْ لَا يُوجَدُ الْحُكْمُ عِنْدَ وُجُودِ الْعِلَّةِ الظَّاهِرَةِ بِنَاءً عَلَى مَانِعٍ أَوْ عَلَى عَدَمِ تَمَامِهَا حَقِيقَةً وَأَنْ لَا يَنْعَدِمَ عِنْدَ عَدَمِهَا بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِهِ بِعِلَّةٍ أُخْرَى كَالْحَدِيثِ يَثْبُتُ بِخُرُوجِ النَّجَاسَةِ وَالنَّوْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَدْ يُقَالُ فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْكَلَامِ إنَّ الْوُجُودَ عِنْدَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمَ عِنْدَ الْعَدَمِ لَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْعِلِّيَّةِ كَمَا أَنَّ الْعَدَمَ عِنْدَ الْوُجُودِ وَالْوُجُودَ عِنْدَ الْعَدَمِ لَا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِهَا اعْتِبَارًا لِحَالَةِ الْمُوَافَقَةِ بِحَالَةِ الْمُخَالَفَةِ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ (قَوْلُهُ: وَقِيَامُ النَّصِّ) إشَارَةٌ إلَى بُطْلَانِ كَلَامِ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ وَذَلِكَ أَنَّ مَا اشْتَرَطُوا مِنْ قِيَامِ النَّصِّ فِي الْحَالَيْنِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ أَمْرٌ لَا يُوجَدُ إلَّا نَادِرًا، وَلَا عِبْرَةَ بِالنَّادِرِ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ فَكَيْفَ يُجْعَلُ أَصْلًا فِيمَا هُوَ مِنْ أَدِلَّةِ الشَّرْعِ بِأَنْ يُبْتَنَى عَلَيْهِ ثُبُوتُ الْعِلِّيَّةِ عَلَى أَنَّ وُجُودَهُ بِطَرِيقِ النُّدْرَةِ أَيْضًا فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ فَإِنَّا لَا نُسَلِّمُ فِي الْمِثَالَيْنِ الْمَذْكُورِينَ قِيَامَ النَّصِّ فِي الْحَالَيْنِ مَعَ عَدَمِ حُكْمِهِ أَمَّا فِي الْآيَةِ فَلِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ قِيَامَ النَّصِّ بِدُونِ الْحُكْمِ حَالَ انْتِفَاءِ الْحَدَثِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ النَّصُّ مُقَيَّدًا بِالْحَدَثِ وَمُقَيَّدًا لِوُجُوبِ الْوُضُوءِ بِشَرْطِ وُجُودِ الْحَدَثِ وَبَيَانِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ اشْتِرَاطَ الْحَدَثِ فِي وُجُوبِ الْبَدَلِ وَهُوَ التَّيَمُّمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: ٤٣] اشْتِرَاطٌ لَهُ فِي وُجُوبِ الْأَصْلِ وَهُوَ الْوُضُوءُ إذْ الْبَدَلُ لَا يُفَارِقُ الْأَصْلَ بِسَبَبِهِ وَإِنَّمَا يُفَارِقُهُ بِحَالِهِ بِأَنْ يَجِبَ فِي حَالٍ لَا يَجِبُ فِيهَا الْأَصْلُ وَبِالْجُمْلَةِ لَمَّا رَتَّبَ وُجُوبَ التَّيَمُّمِ عَلَى وُجُودِ الْحَدَثِ عِنْد فَقْدِ الْمَاءِ فُهِمَ أَنَّ وُجُوبَ التَّوَضُّؤِ بِالْمَاءِ مُرَتَّبٌ عَلَى الْحَدَثِ، وَثَانِيهِمَا أَنَّ الْعَمَلَ بِظَاهِرِ النَّصِّ مُتَعَذِّرٌ لِاقْتِضَائِهِ وُجُوبَ التَّوَضُّؤِ عِنْدَ كُلِّ قِيَامٍ وَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَدَاءُ الصَّلَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ إضْمَارٍ، أَيْ: إذَا قُمْتُمْ مِنْ مَضَاجِعِكُمْ أَوْ إذَا أَرَدْتُمْ الْقِيَامَ إلَى الصَّلَاةِ مُحَدِّثِينَ، وَالْقِيَامُ مِنْ الْمَضْجَعِ كِنَايَةٌ عَنْ التَّنَبُّهِ مِنْ النَّوْمِ، وَالنَّوْمُ دَلِيلُ الْحَدَثِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ ذِكْرُ الْحَدَثِ بِطَرِيقِ دَلَالَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute