النَّظَرِ لَكِنْ إذَا تُؤُمِّلَ تَبَيَّنَ صِحَّتُهُ أَقْوَى مِمَّا كَانَ عَلَى الْعَكْسِ) اعْلَمْ أَنَّ التَّعَارُضَ بَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ مِنْ الِاسْتِحْسَانِ أَيْ صَحِيحِ الظَّاهِرِ فَاسِدِ الْبَاطِنِ وَعَكْسِهِ وَبَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَخِيرَيْ الْقِيَاسِ إنْ وَقَعَ مَعَ اخْتِلَافِ النَّوْعِ وَهَذَا فِي صُورَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يُعَارِضَ صَحِيحُ الظَّاهِرِ فَاسِدُ الْبَاطِنِ مِنْ الِاسْتِحْسَانِ فَاسِدَ الظَّاهِرِ صَحِيحَ الْبَاطِنِ مِنْ الْقِيَاسِ وَثَانِيَتُهُمَا أَنْ يُعَارِضَ فَاسِدُ الظَّاهِرِ صَحِيحَ الْبَاطِنِ مِنْ الِاسْتِحْسَانِ صَحِيحَ الظَّاهِرِ فَاسِدَ الْبَاطِنِ مِنْ الْقِيَاسِ فَلَا شَكَّ أَنَّ مَا ظَهَرَ فَسَادُهُ بَادِئَ النَّظَرِ لَكِنْ إذَا تُؤَمِّلَ تَبَيَّنَ صِحَّتُهُ أَقْوَى مِمَّا كَانَ عَلَى الْعَكْسِ سَوَاءٌ كَانَ قِيَاسًا أَوْ اسْتِحْسَانًا
(وَمَعَ اتِّحَادِهِ إنْ أَمْكَنَ فَالْقِيَاسُ أَوْلَى) أَيْ إنْ وَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَهُمَا مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ وَهُوَ أَنْ يُعَارِضَ اسْتِحْسَانٌ صَحِيحُ الظَّاهِرِ فَاسِدُ الْبَاطِنِ قِيَاسًا كَذَلِكَ أَوْ يُعَارِضَ اسْتِحْسَانٌ فَاسِدُ الظَّاهِرِ صَحِيحُ الْبَاطِنِ قِيَاسًا كَذَلِكَ يَكُونُ الْقِيَاسُ رَاجِحًا فِي الصُّورَتَيْنِ وَإِنَّمَا قُلْنَا إنْ أَمْكَنَ؛ لِأَنَّا لَمْ نَجِدْ تَعَارُضَ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الِاسْتِحْسَانُ عَلَى صِفَةٍ كَانَ الْقِيَاسُ عَلَى خِلَافِ تِلْكَ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَكُونُ صَحِيحًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إلَّا وَقَدْ جَعَلَ الشَّرْعُ وَصْفًا مِنْ الْأَوْصَافِ عِلَّةً لِلْحُكْمِ بِمَعْنَى أَنَّهُ كُلَّمَا وُجِدَ ذَلِكَ
ــ
[التلويح]
بِاعْتِبَارِ الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ وَتَارَةً بِاعْتِبَارِ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ أَمَّا بِالِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا قَوِيَّيْ الْأَثَرِ أَوْ ضَعِيفَيْ الْأَثَرِ أَوْ الْقِيَاسُ قَوِيًّا وَالِاسْتِحْسَانُ ضَعِيفًا أَوْ بِالْعَكْسِ فَفِي الرَّابِعِ يَتَرَجَّحُ الِاسْتِحْسَانُ قَطْعًا وَفِي الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ يُتَيَقَّنُ عَدَمُ تَرْجِيحِ الِاسْتِحْسَانِ، وَأَمَّا تَرْجِيحُ الْقِيَاسِ فَفِي الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ مُتَيَقَّنٌ لَا فِي الثَّانِي فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ سُقُوطَ الِاسْتِحْسَانِ وَالْقِيَاسِ لِضَعْفِهِمَا وَتَسْمِيَةُ الِاسْتِحْسَانِ فِي جَمِيعِ الْأَقْسَامِ تَكُونُ بِاعْتِبَارِ خَفَائِهِ إلَّا أَنَّهُ يُشْكِلُ بِمَا ذَكَرَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ أَنْ سَمَّيْنَا مَا ضَعُفَ أَثَرُهُ قِيَاسًا وَمَا قَوِيَ أَثَرُهُ اسْتِحْسَانًا، وَأَمَّا بِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَحِيحَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ أَوْ فَاسِدَهُمَا أَوْ صَحِيحَ الظَّاهِرِ فَاسِدَ الْبَاطِنِ أَوْ بِالْعَكْسِ وَفِي الْجَمِيعِ يَكُونُ الْقِيَاسُ جَلِيًّا بِمَعْنَى سَبْقِ الْأَفْهَامِ إلَيْهِ وَالِاسْتِحْسَانِ خَفِيًّا بِالْإِضَافَةِ إلَيْهِ وَيَقَعُ التَّعَارُضُ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ وَجْهًا حَاصِلَةً مِنْ ضَرْبِ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ لِلْقِيَاسِ فِي الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ لِلِاسْتِحْسَانِ فَالْقِيَاسُ الصَّحِيحُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ يَتَرَجَّحُ عَلَى جَمِيعِ أَقْسَامِ الِاسْتِحْسَانِ، وَالْقِيَاسُ الْفَاسِدُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ يَكُونُ مَرْدُودًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْكُلِّ فَتَبْقَى ثَمَانِيَةُ أَوْجُهٍ حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ أَقْسَامِ الِاسْتِحْسَانِ فِي أَخِيرَيْ الْقِيَاسِ فَالْأَوَّلُ مِنْ الِاسْتِحْسَانِ يَرْجُحُ عَلَيْهَا لِصِحَّتِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَالثَّانِي يُرَدُّ مُطْلَقًا لِفَسَادِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بَقِيَ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ أَخِيرَيْ الِاسْتِحْسَانِ فِي أَخِيرَيْ الْقِيَاسِ: الْأَوَّلُ تَعَارُضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute