الْعِصْمَةَ فَأَجَابَ بِأَنَّ مُنَافَاةَ حِلِّ الْإِتْلَافِ الْعِصْمَةَ غَيْرُ ثَابِتَةٍ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ لَمْ تَنْتَفِ فِي مَالِ الْبَاغِي بِحِلِّ الْإِتْلَافِ بَلْ إنَّمَا انْتَفَتْ لِلْبَغْيِ هَذَا غَايَةُ التَّكَلُّفِ وَمَعَ هَذَا لَا يُوجَدُ النَّقْضُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ النَّقْضَ وُجُودُ الْعِلَّةِ مَعَ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ، وَحِلُّ الْإِتْلَافِ لِإِحْيَاءِ الْمُهْجَةِ لَيْسَ عِلَّةً لِعَدَمِ مُنَافَاتِهِ الْعِصْمَةَ لِثُبُوتِ حِلِّ الْإِتْلَافِ فِي مَالِ الْبَاغِي مَعَ الْمُنَافَاةِ فَلَا يَكُونُ نَقْضًا فَلِأَجْلِ هَذِهِ الْفَسَادَاتِ فِي الْأَمْثِلَةِ الثَّلَاثَةِ أَوْرَدَ مَثَلًا آخَرَ فِي الْمَتْنِ فَقَالَ
(وَأَنَا أُورِدُ لِلدَّفْعِ بِالْحُكْمِ مِثَالًا وَهُوَ الْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ مَعَ خُرُوجِ النَّجَاسَةِ عِلَّةٌ لِوُجُوبِ الْوُضُوءِ فَيَجِبُ فِي غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ فَنُوقِضَ بِالتَّيَمُّمِ) أَيْ فِي صُورَةِ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ يُوجَدُ الْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ مَعَ خُرُوجِ النَّجَاسَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ
(فَيُمْنَعُ عَدَمُ وُجُوبِ الْوُضُوءِ فِيهِ بَلْ الْوُضُوءُ وَاجِبٌ لَكِنَّ التَّيَمُّمَ خَلَفٌ عَنْهُ) مَعْنَاهُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ وُجُوبِ الْوُضُوءِ فِي صُوَرِ عَدَمِ الْمَاءِ بَلْ الْوُضُوءُ وَاجِبٌ لَكِنَّ التَّيَمُّمَ خَلَفٌ عَنْهُ الرَّابِعُ: الدَّفْعُ بِالْغَرَضِ نَحْوُ: خَارِجٍ نَجِسٍ فَيَكُونُ نَاقِضًا فَنُوقِضَ بِالِاسْتِحَاضَةِ فَنَقُولُ الْغَرَضُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ السَّبِيلَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فَإِنَّهُ حَدَثَ ثَمَّةَ لَكِنْ إذَا اسْتَمَرَّ يَصِيرُ عَفْوًا فَكَذَلِكَ هُنَا.
(ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ إنْ تَيَسَّرَ الدَّفْعُ) أَيْ دَفْعُ النَّقْضِ
(بِهَذِهِ الطُّرُقِ فِيهَا وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي صُورَةِ النَّقْضِ مَانِعٌ فَقَدْ بَطَلَتْ الْعِلَّةُ
ــ
[التلويح]
إجْمَاعًا، وَكَذَا مِلْكُ بَدَلِ الْمَغْصُوبِ سَبَبٌ لِمِلْكِ الْمَغْصُوبِ أَعْنِي الْمُدَبَّرَ كَمَا فِي الْبَيْعِ حَتَّى لَوْ جَمَعَ فِي الْبَيْعِ بَيْنَ قِنٍّ وَمُدَبَّرٍ صَحَّ فِي الْقِنِّ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الْجَمْعِ بَيْنَ قِنٍّ وَحُرٍّ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْمُدَبَّرِ لِلْمَانِعِ أَوْرَدَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَيْنِ الْمِثَالَيْنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ اقْتِدَاءً بِصَاحِبِ التَّقْوِيمِ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ إنَّ هَذَا الْوَجْهَ لَا يَسْلَمُ عَنْ الْقَوْلِ بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَالضَّابِطُ) حَاصِلُ هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُدَعَّى وُجُوبُ الضَّمَانِ وَالْعِلَّةُ حِلُّ الْإِتْلَافِ وَالْأَصْلُ صُورَةُ الْمَخْمَصَةِ وَالْفَرْعُ صُورَةُ الْجَمَلِ الصَّائِلِ وَالنَّقْضُ هُوَ مَالُ الْبَاغِي وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا جِهَةَ لِمَنْعِ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ فِيهِ إذْ لَا نِزَاعَ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الضَّمَانِ فِيهِ فَلَا تَكُونُ هَذِهِ الصُّورَةُ نَظِيرًا لِلدَّفْعِ بِالْحُكْمِ وَأَيْضًا حِلُّ الْإِتْلَافِ لَا يُلَائِمُ وُجُوبَ الضَّمَانِ فَضْلًا عَنْ التَّأْثِيرِ وَحَاصِلُ التَّقْرِيرِ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يُجْعَلَ نَظِيرًا لِدَفْعِ الْحُكْمِ أَنَّ الْحُكْمَ هُوَ عَدَمُ مُنَافَاةِ حِلِّ الْإِتْلَافِ لِبَقَاءِ الْعِصْمَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَسْقُطُ عِصْمَةُ الْجَمَلِ الصَّائِلِ بِإِبَاحَةِ قَتْلِهِ لِإِبْقَاءِ رُوحِ الْمَصُولِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَخْمَصَةِ، وَالْعِلَّةُ حِلُّ الْإِتْلَافِ فَنُوقِضَ بِمَالِ الْبَاغِي حَيْثُ وُجِدَتْ الْعِلَّةُ وَهِيَ حِلُّ الْإِتْلَافِ مَعَ عَدَمِ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الْمُنَافَاةِ ضَرُورَةَ تَحَقُّقِ الْمُنَافَاةِ إذْ قَدْ سَقَطَتْ الْعِصْمَةُ وَلَمْ يَجِبْ الضَّمَانُ عَلَى الْمُتْلِفِ فَأَجَابَ بِمَنْعِ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ فِي صُورَةِ النَّقْضِ أَيْ لَا نُسَلِّمُ تَحَقُّقَ مُنَافَاةِ حِلِّ الْإِتْلَافِ لِبَقَاءِ الْعِصْمَةِ فِي مَالِ الْبَاغِي بَلْ عَدَمُ الْمُنَافَاةِ مُتَحَقِّقٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute