للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَقُولُ مَا ذَكَرْت مِنْ الدَّلِيلِ وَإِنْ دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْت مِنْ الْمَدْلُولِ لَكِنْ عِنْدِي مَا يَنْفِي ذَلِكَ الْمَدْلُولَ وَيُقِيمُ دَلِيلًا عَلَى نَفْيِ مَدْلُولِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَدْلُولُ هُوَ الْحُكْمَ أَوْ مُقَدِّمَةً مِنْ مُقَدِّمَاتِ دَلِيلِهِ، الْأَوَّلِ يُسَمَّى مُعَارَضَةً فِي الْحُكْمِ وَالثَّانِي يُسَمَّى مُعَارَضَةً فِي الْمُقَدِّمَةِ كَمَا إذَا أَقَامَ الْمُعَلِّلُ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ لِلْحُكْمِ هِيَ الْوَصْفُ الْفُلَانِيُّ فَلِلْمُعْتَرِضِ أَنْ لَا يَنْقُضَ دَلِيلَهُ بَلْ يُثْبِتُ بِدَلِيلٍ آخَرَ أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ لَيْسَ بِعِلَّةٍ فَهَذَا مُعَارَضَةٌ فِي الْمُقَدِّمَةِ ثُمَّ شَرَعَ فِي تَقْسِيمِ الْمُعَارَضَةِ فِي الْحُكْمِ فَقَالَ

(أَمَّا الْأُولَى فَإِمَّا بِدَلِيلِ الْمُعَلِّلِ وَإِنْ كَانَ بِزِيَادَةِ شَيْءٍ عَلَيْهِ وَهِيَ مُعَارَضَةٌ فِيهَا مُنَاقَضَةٌ فَإِنْ دَلَّ عَلَى نَقِيضِ الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ فَقَلْبٌ كَقَوْلِهِ: صَوْمُ رَمَضَانَ صَوْمُ فَرْضٍ فَلَا يَتَأَدَّى إلَّا بِتَعْيِينِ النِّيَّةِ كَالْقَضَاءِ فَنَقُولُ صَوْمُ فَرْضٍ فَيُسْتَغْنَى عَنْ التَّعْيِينِ بَعْدَ تَعْيِينِهِ كَالْقَضَاءِ لَكِنْ هُنَا

ــ

[التلويح]

حَيْثُ إثْبَاتُ نَقِيضِ الْحُكْمِ، وَأَمَّا الْمُنَاقَضَةُ فَمِنْ حَيْثُ إبْطَالُ دَلِيلِ الْمُعَلِّلِ إذْ الدَّلِيلُ الصَّحِيحُ لَا يَقُومُ عَلَى النَّقِيضَيْنِ فَإِنْ قُلْت فِي الْمُعَارَضَةِ تَسْلِيمُ دَلِيلِ الْخَصْمِ وَفِي الْمُنَاقَضَةِ إنْكَارُهُ فَكَيْفَ هَذَا مِنْ ذَلِكَ قُلْتُ يَكْفِي فِي الْمُعَارَضَةِ التَّسْلِيمُ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ بِأَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِلْإِنْكَارِ قَصْدًا فَإِنْ قُلْتَ فَفِي كُلِّ مُعَارَضَةٍ مَعْنَى الْمُنَاقَضَةِ؛ لِأَنَّ نَفْيَ الْحُكْمِ وَإِبْطَالَهُ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ دَلِيلِهِ الْمُسْتَلْزِمِ لَهُ ضَرُورَةَ انْتِفَاءِ الْمَلْزُومِ بِانْتِفَاءِ اللَّازِمِ. قُلْتُ عِنْدَ تَغَايُرِ الدَّلِيلَيْنِ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الِاحْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ الْبَاطِلُ دَلِيلَ الْمُعَارِضِ بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّحَدَ الدَّلِيلُ ثُمَّ دَلِيلُ الْمُعَارِضُ إنْ كَانَ عَلَى نَقِيضِ الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ فَقَلْبٌ وَإِنْ كَانَ مَا يَسْتَلْزِمُهُ فَعَكْسٌ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِدَلِيلٍ آخَرَ وَهِيَ الْمُنَاقَضَةُ الْخَالِصَةُ وَإِثْبَاتُهُ لِنَقِيضِ الْحُكْمِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِعَيْنِهِ أَوْ بِتَغْيِيرِ مَا وُكِّلَ مِنْهُمَا صَرِيحًا أَوْ الْتِزَامًا وَالْمُعَارَضَةُ فِي الْمُقَدِّمَةِ إنْ كَانَتْ بِجَعْلِ عِلَّةِ الْمُسْتَدِلِّ مَعْلُولًا وَالْمَعْلُولِ عِلَّةً فَمُعَارَضَةٌ فِيهَا مَعْنَى الْمُنَاقَضَةِ وَإِلَّا فَمُعَارَضَةٌ خَالِصَةٌ وَهِيَ قَدْ تَكُونُ لِنَفْيِ عِلِّيَّةِ مَا أَثْبَتَ الْمُسْتَدِلُّ عِلِّيَّتَهُ، وَقَدْ تَكُونُ لِإِثْبَاتِ عِلِّيَّةِ عِلَّةٍ أُخْرَى إمَّا قَاصِرَةٍ وَإِمَّا مُتَعَدِّيَةٍ إلَى مُجْمَعٍ عَلَيْهِ أَوْ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَبَعْضُ هَذِهِ الْأَقْسَامِ مَرْدُودٌ وَأَمْثِلَتُهَا مَذْكُورَةٌ فِي الْكِتَابِ فَإِنْ قُلْت بَعْدَ مَا ظَهَرَ تَأْثِيرُ الْعِلَّةِ كَيْفَ يَصِحُّ مُعَارَضَتُهَا خُصُوصًا بِطَرِيقِ الْقَلْبِ الَّذِي هُوَ جَعْلُ الْعِلَّةِ بِعَيْنِهَا عِلَّةً لِنَقِيضِ الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ قُلْتُ رُبَّمَا يُظَنُّ ظُهُورُ التَّأْثِيرِ، وَلَا تَأْثِيرَ وَرُبَّمَا يُورَدُ عَلَى الْمُؤَثِّرِ مَا يُظَنُّ أَنَّهُ مُعَارَضَةٌ أَوْ قَلْبٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْمُنَافَاةُ إنَّمَا هِيَ بَيْنَ تَأْثِيرٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَتَمَامِ الْمُعَارَضَةِ عَلَى الْقَطْعِ، وَلَا قَائِلَ بِذَلِكَ وَهَكَذَا حُكْمُ فَسَادِ الْوَضْعِ فَتَخْصِيصُهُ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ بَعْدَ ثُبُوتِ التَّأْثِيرِ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بِزِيَادَةِ شَيْءٍ عَلَيْهِ) يَعْنِي زِيَادَةً تُفِيدُ تَقْرِيرًا وَتَفْسِيرًا لَا تَبْدِيلًا وَتَغْيِيرًا لِيَكُونَ قَلْبًا وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَلْبِ الشَّيْءِ ظَهْرًا لِبَطْنٍ كَقَلْبِ الْجِرَابِ يُسَمَّى بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَرِضَ جَعَلَ الْعِلَّةَ شَاهِدًا لَهُ بَعْدَ مَا كَانَ شَاهِدًا عَلَيْهِ أَوْ عَكْسًا وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ عَكَسْتُ الشَّيْءَ رَدَدْته إلَى وَرَائِهِ عَلَى طَرِيقَةِ الْأَوَّلِ وَقِيلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>