عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَأَمَّا بِدَلِيلِ الْمُعَلِّلِ
(وَهُوَ مُعَارَضَةٌ خَالِصَةٌ وَهُوَ إمَّا أَنْ يُثْبِتَ نَقِيضَ حُكْمِ الْمُعَلَّلِ بِعَيْنِهِ أَوْ بِتَغْيِيرٍ أَوْ حُكْمًا يَلْزَمُ مِنْهُ ذَلِكَ النَّقِيضُ كَقَوْلِهِ: الْمَسْحُ رُكْنٌ فِي الْوُضُوءِ فَيُسَنُّ تَثْلِيثُهُ كَالْغُسْلِ فَنَقُولُ مَسْحٌ فَلَا يُسَنُّ تَثْلِيثُهُ كَمَسْحِ الْخُفِّ، وَهَذَا) أَيْ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ مِنْ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْمُعَارَضَةِ
(أَقْوَى الْوُجُوهِ) فَقَوْلُهُ الْمَسْحُ رُكْنٌ نَظِيرُ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُعَارَضَةِ
(وَكَقَوْلِنَا فِي الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا أَبَ لَهَا: صَغِيرَةٌ فَتُنْكَحُ كَاَلَّتِي لَهَا أَبٌ فَيُقَالُ صَغِيرَةٌ فَلَا يُوَلَّى عَلَيْهَا بِوِلَايَةِ الْأُخُوَّةِ كَالْمَالِ فَلَمْ يَنْفِ مُطْلَقَ الْوِلَايَةِ بَلْ وِلَايَةً بِعَيْنِهَا لَكِنْ إذَا انْتَفَتْ هِيَ يَنْتَفِي سَائِرُهَا بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ لِعَدَمِ الْقَائِلِ بِالْفَصْلِ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْفِي الْإِجْبَارَ بِوِلَايَةِ الْإِخْوَةِ يَنْفِي الْإِجْبَارَ بِوِلَايَةِ الْعُمُومَةِ وَنَحْوِهَا فَهَذَا نَظِيرُ الْوَجْهِ الثَّانِي مِنْ الْمُعَارَضَةِ
(وَكَالَتِي) نَظِيرُ الْوَجْهِ الثَّالِثِ
(نُعِيَ إلَيْهَا زَوْجُهَا فَنُكِحَتْ وَوَلَدَتْ ثُمَّ جَاءَ الْأَوَّلُ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ فِرَاشٍ صَحِيحٍ فَيُقَالُ الثَّانِي صَاحِبُ فِرَاشٍ فَاسِدٍ فَيَسْتَحِقُّ النَّسَبَ كَمَنْ
ــ
[التلويح]
لِأَنَّهُ لَمَّا جَاءَ بِحُكْمٍ آخَرَ ذَهَبَتْ الْمُنَاقَضَةُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَدِلَّ لَمْ يَنْفِ التَّسْوِيَةَ لِيَكُونَ إثْبَاتُهَا دَفْعًا لِدَعْوَاهُ وَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي الْحَقِيقَةِ وَلِأَنَّ الِاسْتِوَاءَ حُكْمٌ مُجْمَلٌ وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ مُخْتَلِفٌ فِي الْمَعْنَى بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ أَعْنِي الْمُعَارَضَةُ الْخَالِصَةُ فَخَمْسَةُ أَنْوَاعٍ اثْنَانِ فِي الْفَرْعِ وَثَلَاثَةٌ فِي الْأَصْلِ وَجَعَلَ أَحَدَ أَنْوَاعِ الْخَمْسَةِ الْمُعَارَضَةَ بِزِيَادَةٍ هِيَ تَفْسِيرٌ لِلْأَوَّلِ وَتَقْرِيرٌ لَهُ كَمَا يُقَالُ الْمَسْحُ رُكْنٌ فَيُسَنُّ تَثْلِيثُهُ كَالْغُسْلِ فَيُقَالُ رُكْنٌ فَلَا يُسَنُّ تَثْلِيثُهُ بَعْدَ إكْمَالِهِ بِزِيَادَةٍ عَلَى الْفَرْضِ فِي مَحَلِّهِ وَهُوَ الِاسْتِيعَابُ كَالْغُسْلِ وَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْ الْقَلْبِ فَأُورِدُهُ تَارَةً فِي الْمُعَارَضَةِ الَّتِي فِيهَا مُنَاقَضَةٌ نَظَرًا إلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ تَقْرِيرٌ فَيَكُون مِنْ قَبِيلِ جَعْلِ دَلِيلِ الْمُسْتَدِلِّ دَلِيلًا عَلَى نَقِيضِ مُدَّعَاهُ فَيَلْزَمُ إبْطَالُهُ وَتَارَةً فِي الْمُعَارَضَةِ الْخَالِصَةِ نَظَرًا إلَى الظَّاهِرِ وَهُوَ أَنَّهُ مَعَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ لَيْسَ دَلِيلَ الْمُسْتَدِلِّ بِعَيْنِهِ وَأَيْضًا جَعَلَ أَحَدَ الْأَنْوَاعِ الْخَمْسَةِ، الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ قِسْمَيْ الْعَكْسِ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا أَقْوَى الْوُجُوهِ) لِدَلَالَتِهِ صَرِيحًا عَلَى مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْمُعَارَضَةِ وَهُوَ إثْبَاتُ نَقِيضِ حُكْمِ الْمُعَلِّلِ بِعَيْنِهِ.
(قَوْلُهُ وَكَقَوْلِنَا فِي صَغِيرَةٍ) يَعْنِي مِثَالَ الْمُعَارَضَةِ الْخَالِصَةِ الَّتِي تُثْبِتُ نَقِيضَ حُكْمِ الْمُعَلِّلِ بِتَغَيُّرٍ مَا، قَوْلُنَا فِي إثْبَاتِ وِلَايَةِ تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا أَبَ لَهَا، وَلَا جَدَّ لِغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَوْلِيَاءِ صَغِيرَةً فَيَثْبُتُ عَلَيْهَا وِلَايَةُ النِّكَاحِ كَاَلَّتِي لَهَا أَبٌ بِعِلَّةِ الصِّغَرِ فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ صَغِيرَةٌ فَلَا يُوَلَّى عَلَيْهَا بِوِلَايَةِ الْأُخُوَّةِ كَالْمَالِ فَإِنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْأَخِ عَلَى مَالِ الصَّغِيرَةِ لِقُصُورِ الشَّفَقَةِ فَالْعِلَّةُ هِيَ قُصُورُ الشَّفَقَةِ لَا الصِّغَرِ عَلَى مَا يُفْهَمْ مِنْ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ مُعَارَضَةً خَالِصَةً بَلْ قَلْبًا فَالْمُعَلِّلُ أَثْبَتَ مُطْلَقَ الْوِلَايَةِ وَالْمُعَارِضُ لَمْ يَنْفِهَا بَلْ نَفَى وِلَايَةَ الْأَخِ فَوَقَعَ فِي نَقِيضِ الْحُكْمِ تَغْيِيرٌ هُوَ التَّقْيِيدُ بِالْأَخِ وَلَزِمَ نَفْيُ حُكْمِ الْمُعَلِّلِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْأَخَ أَقْرَبُ الْقَرَابَاتِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute