(فِي مَوْضِعِ التُّهْمَةِ) ، وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ الصَّبِيُّ مِنْ الْوَلِيِّ (وَسَقَطَتْ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا) أَيْ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ، وَهُوَ مَا إذَا بَاعَ مِنْ الْأَجَانِبِ (وَعِنْدَهُمَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ ثُمَّ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (بِطَرِيقِ أَنَّهُ) أَيْ تَصَرُّفُ الصَّبِيِّ (يَصِيرُ بِرَأْيِهِ) أَيْ بِرَأْيِ الْوَلِيِّ (كَمُبَاشَرَتِهِ) أَيْ الْوَالِي (فَلَا يَصِحُّ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ أَصْلًا) أَيْ لَا مِنْ الْوَلِيِّ، وَلَا مِنْ الْأَجَانِبِ، (وَأَمَّا، وَصِيَّتُهُ) أَيْ، وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ (فَبَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ شُرِعَ نَفْعًا لِلْمُوَرِّثِ) قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَأَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ فُقَرَاءَ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» أَيْ يَمُدُّونَ أَكُفَّهُمْ سَائِلِينَ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْوَصِيَّةَ لِأَنَّهَا تُرَادُ إشْكَالًا، وَهُوَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ نَفْعٌ لِأَنَّهَا سَبَبٌ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَزُولُ الْمُوصَى بِهِ مَا دَامَ حَيًّا مِنْ مِلْكِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَصِيَّتُهُ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْإِرْثَ شُرِعَ نَفْعًا لِلْمُوَرِّثِ وَفِي الْوَصِيَّةِ إبْطَالُ الْإِرْثِ (حَتَّى شُرِعَ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ) فَرْعٌ عَلَى أَنَّ الْإِرْثَ شُرِعَ نَفْعًا لِلْمُوَرَّثِ حَتَّى لَوْ كَانَ ضَرَرًا لَمَا شُرِعَ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ (إلَّا أَنَّهَا شُرِعَتْ فِي حَقِّ الْبَالِغِ كَالطَّلَاقِ) جَوَابُ إشْكَالٍ، وَهُوَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَمَّا كَانَتْ ضَرَرًا لِكَوْنِهَا إبْطَالًا لِلْإِرْثِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِحَّ مِنْ الْبَالِغِ فَأَجَابَ بِأَنَّهَا شُرِعَتْ مِنْ الْبَالِغِ وَإِنْ كَانَ ضَرَرًا كَالطَّلَاقِ
(فَصْلٌ الْأُمُورُ الْمُعْتَرِضَةُ عَلَى الْأَهْلِيَّةِ سَمَاوِيَّةٌ، وَمُكْتَسَبَةٌ أَوْ السَّمَاوِيَّةُ فَمِنْهَا الْجُنُونُ) وَهُوَ اخْتِلَالُ
ــ
[التلويح]
وَاللَّيْلَةِ بِحَسَبِ السَّاعَاتِ، وَإِنْ لَمْ يَزِدْ بِحَسَبِ الْوَاجِبَاتِ، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِي الصَّوْمِ التَّكْرَارَ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمَصِيرِ إلَى التَّكْرَارِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الْأَصْلِ، وَوَظِيفَةُ الصَّوْمِ لَا تَدْخُلُ إلَّا بِمُضِيِّ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا، فَيَصِيرَ التَّبَعُ أَضْعَافَ الْأَصْلِ، وَلَا يَلْزَمُنَا زِيَادَةُ الْمَرَّتَيْنِ فِي غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ تَأْكِيدًا لِلْفَرْضِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ، وَإِنْ كَثُرَتْ لَا تُمَاثِلُ الْفَرِيضَةَ، وَإِنْ قَلَّتْ فَضْلًا عَلَى أَنْ تَزِيدَ عَلَيْهَا، وَالِامْتِدَادُ فِي الزَّكَاةِ بِاسْتِيعَابِ الْحَوْلِ؛ لِأَنَّهُ كَثِيرٌ فِي نَفْسِهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْهُ يُقَامُ الْأَكْثَرُ مَقَامَ الْكُلِّ تَيْسِيرًا، وَتَخْفِيفًا فِي سُقُوطِ الْوَاجِبِ.
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لَا يَكُونُ حَجْرًا) ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ هُوَ أَنْ يَتِمَّ الْفِعْلُ بِرُكْنِهِ، وَيَقَعَ فِي مَحَلِّهِ، وَيَصْدُرَ عَنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ لَا يُعْتَبَرُ حُكْمُهُ نَظَرًا لِلصَّبِيِّ أَوْ الْوَلِيِّ، وَإِيمَانُ الْمَجْنُونِ اسْتِقْلَالًا إنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ لِعَدَمِ رُكْنِهِ، وَهُوَ الِاعْتِقَادُ بِخِلَافِ إيمَانِهِ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْنِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ لَيْسَ رُكْنًا لَهُ، وَلَا شَرْطًا، وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْجَوَابُ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ غَايَةَ أَمْرِ التَّبَعِ أَنْ يُجْعَلَ بِمَنْزِلَةِ الْأَصْلِ فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ بِفِعْلِ نَفْسِهِ لِعَدَمِ صُلُوحِهِ لِذَلِكَ فَبِفِعْلِ غَيْرِهِ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا أَسْلَمَتْ امْرَأَتُهُ) لَوْ ذُكِرَ بِالْفَاءِ عَلَى أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى صِحَّةِ إيمَانِهِ تَبَعًا لَكَانَ أَنْسَبَ يَعْنِي: لَوْ أَسْلَمَتْ كِتَابِيَّةٌ تَحْتَ مَجْنُونٍ كِتَابِيٍّ، لَهُ وَلِيٌّ كِتَابِيٌّ يُعْرَضُ الْإِسْلَامُ عَلَى الْوَلِيِّ فَإِنْ أَسْلَمَ صَارَ الْمَجْنُونُ مُسْلِمًا تَبَعًا لَهُ، وَبَقِيَ النِّكَاحُ، وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَكَانَ الْقِيَاسُ التَّأْخِيرَ إلَى الْإِفَاقَةِ كَمَا فِي الصِّغَرِ إلَّا أَنَّ هَذَا اسْتِحْسَانٌ؛ لِأَنَّ لِلصِّغَرِ حَدًّا مَعْلُومًا بِخِلَافِ الْجُنُونِ فَفِي التَّأْخِيرِ ضَرَرٌ لِلزَّوْجَةِ مَعَ مَا فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute