للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَدْخُلْ الْحُرُّ تَحْتَ الْإِيجَابِ مَعَ أَنَّ صَدْرَ الْكَلَامِ تَنَاوَلَهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ مُسْتَثْنًى، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا بَاعَ عَبْدَيْنِ إلَّا هَذَا حَقِيقَةُ الِاسْتِثْنَاءِ مَوْجُودَةٌ فَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ أَحَدُهُمَا فِي الْبَيْعِ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْآخَرِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا: أَنَّهُ يَصِيرُ الْبَيْعُ فِي الْآخَرِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُقَابِلِ بِهِمَا وَالْبَيْعُ بِالْحِصَّةِ ابْتِدَاءً بَاطِلٌ لِلْجَهَالَةِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِالْحِصَّةِ بَقَاءٌ صَحِيحٌ كَمَا يَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي هِيَ نَظِيرُ النَّسْخِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْبَيْعَ فِي الْآخَرِ بَيْعٌ بِشَرْطٍ مُخَالِفٍ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهُوَ أَنَّ قَبُولَ مَا لَيْسَ بِمَبِيعٍ وَهُوَ الْحُرُّ أَوْ الْعَبْدُ الْمُسْتَثْنَى يَصِيرُ شَرْطًا لِقَبُولِ الْمَبِيعِ.

(وَنَظِيرُ النَّسْخِ مَا إذَا بَاعَ عَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ يَبْقَى الْعَقْدُ فِي الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ) (فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُنَاسِبُ النَّسْخَ) مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَبْدَ الَّذِي مَاتَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ كَانَ دَاخِلًا تَحْتَ الْبَيْعِ لَكِنْ لَمَّا مَاتَ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِيهِ فَصَارَ كَالنَّسْخِ لِأَنَّ النَّسْخَ تَبْدِيلٌ بَعْدَ الثُّبُوتِ فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي الْعَبْدِ الْآخَرِ مَعَ أَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعًا بِالْحِصَّةِ لَكِنْ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ، وَأَنَّهُ غَيْرُ مُفْسِدٍ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ الطَّارِئَةَ لَا تُفْسِدُ.

(وَنَظِيرُ التَّخْصِيصِ مَا إذَا بَاعَ عَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا صَحَّ إنْ عَلِمَ مَحَلَّ الْخِيَارِ وَثَمَنَهُ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بِالْخِيَارِ يَدْخُلُ فِي الْإِيجَابِ لَا فِي الْحُكْمِ

ــ

[التلويح]

بِخَمْسِمِائَةٍ صَحَّ فِي الْعَبْدِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

(قَوْلُهُ لَمْ يَدْخُلْ الْحُرُّ تَحْتَ الْإِيجَابِ) ؛ لِأَنَّ دُخُولَ الشَّيْءِ فِي الْعَقْدِ إنَّمَا هُوَ بِصِفَةِ الْمَالِيَّةِ، وَالتَّقَوُّمِ، وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي الْحُرِّ وَكَذَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ حَيٍّ وَمَيِّتٍ أَوْ بَيْنَ مَيْتَةٍ وَذَكِيَّةٍ أَوْ بَيْنَ خَلٍّ وَخَمْرٍ.

(قَوْلُهُ: فَصَارَ الْبَيْعُ بِالْحِصَّةِ ابْتِدَاءً) بِأَنْ يُقَسِّمَ الْأَلْفَ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ، وَقِيمَةِ الْحُرِّ بَعْدَ أَنْ يَفْرِضَ عَبْدًا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَعَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ، وَقِيمَةِ الْعَبْدِ الْمُسْتَثْنَى فِي الثَّانِيَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَمِائَةٍ فَحِصَّةُ الْعَبْدِ مِنْ الْأَلْفِ خَمْسُمِائَةٍ عَلَى التَّنَاصُفِ وَصُورَةُ الْبَيْعِ بِالْحِصَّةِ مَا إذَا قَالَ بِعْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأَلْفِ الْمُوَزَّعِ عَلَى قِيمَتِهِ، وَقِيمَةُ ذَلِكَ الْعَبْدِ الْآخَرِ وَهُوَ بَاطِلٌ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ وَقْتَ الْبَيْعِ.

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مَا لَيْسَ بِمَبِيعٍ يَصِيرُ شَرْطًا) ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْإِيجَابِ فَقَدْ شَرَطَ قَبُولَ الْعَقْدِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبُولُهُ فِي الْآخَرِ حَتَّى لَا يَمْلِكَ الْمُشْتَرِي قَبُولَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، فَإِنْ قِيلَ هَذَا الِاشْتِرَاطُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ صِحَّةِ الْإِيجَابِ فِيهِمَا لِئَلَّا يَكُونَ الْمُشْتَرِي مُلْحِقًا لِلضَّرَرِ بِالْبَائِعِ فِي قَبُولِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا، وَمُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ يَصِحُّ فِي الْعَبْدِ. قُلْنَا الْكَلَامُ فِي كَوْنِهِ شَرْطًا فَاسِدًا، وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ عَدَمِ صِحَّةِ الْإِيجَابِ فِيهِمَا. وَأَمَّا إذَا صَحَّ فَهُوَ شَرْطٌ صَحِيحٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ السُّؤَالِ مَنْعُ الِاشْتِرَاطِ عِنْدَ عَدَمِ صِحَّةِ الْإِيجَابِ فِيهِمَا وَمَا ذُكِرَ لَا يَدْفَعُ الْمَنْعَ.

(قَوْلُهُ: الْعَبْدُ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ دَاخِلٌ فِي الْإِيجَابِ) لِوُرُودِ الْإِيجَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>