للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالتَّخْصِيصِ الَّذِي لَهُ شَبَهٌ بِالنَّسْخِ وَشَبَهٌ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَلِرِعَايَةِ الشَّبَهَيْنِ قُلْنَا إنْ عَلِمَ مَحَلَّ الْخِيَارِ وَثَمَنَهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدِهَا: أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْخِيَارِ وَثَمَنُهُ مَعْلُومَيْنِ كَمَا إذَا بَاعَ هَذَا وَذَاكَ بِأَلْفَيْنِ هَذَا بِأَلْفٍ وَذَاكَ بِأَلْفٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي ذَلِكَ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْخِيَارِ مَعْلُومًا لَكِنَّ ثَمَنَهُ لَا يَكُونُ مَعْلُومًا. وَالثَّالِثِ: عَلَى الْعَكْسِ. وَالرَّابِعِ: أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِنْهُمَا مَعْلُومًا فَلَوْ رَاعَيْنَا كَوْنَهُ دَاخِلًا فِي الْإِيجَابِ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعًا بِالْحِصَّةِ لَكِنَّهُ فِي الْبَقَاءِ لَا فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ، وَلَوْ رَاعَيْنَا كَوْنَهُ غَيْرَ دَاخِلٍ فِي الْحُكْمِ يَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ.

أَمَّا إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَحَلِّ الْخِيَارِ وَثَمَنِهِ مَعْلُومًا فَلِأَنَّ قَبُولَ غَيْرِ الْمَبِيعِ يَصِيرُ شَرْطًا لِقَبُولِ الْمَبِيعِ وَأَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا مَجْهُولًا فَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَلِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ أَوْ كِلَيْهِمَا، فَإِذَا عُلِمَ أَنَّ شَبَهَ النَّسْخِ يُوجِبُ الصِّحَّةَ فِي الْجَمِيعِ، وَشَبَهَ الِاسْتِثْنَاءِ يُوجِبُ الْفَسَادَ فِي الْجَمِيعِ فَرَاعَيْنَا الشَّبَهَيْنِ، وَقُلْنَا إذَا كَانَ مَحَلُّ الْخِيَارِ أَوْ ثَمَنُهُ مَجْهُولًا لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ رِعَايَةً لِشَبَهِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَإِذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَعْلُومًا يَصِحُّ الْبَيْعُ رِعَايَةً لِشَبَهِ النَّسْخِ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ هُنَا شَبَهُ الِاسْتِثْنَاءِ حَتَّى يَفْسُدَ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَهُوَ أَنَّ قَبُولَ مَا لَيْسَ بِمَبِيعٍ يَصِيرُ شَرْطًا لِقَبُولِ

ــ

[التلويح]

نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ مَعْنَى شَبَهِ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِيَارِ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْحُكْمِ فَيَكُونُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ غَيْرَ مَبِيعٍ فَيَكُونُ قَبُولُهُ شَرْطًا فَاسِدًا مُفْسِدًا لِلْبَيْعِ، وَمَعْلُومِيَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ لَا تَدْفَعُ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا جُعِلَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي صُورَةِ جَهَالَةِ الثَّمَنِ وَحْدَهُ مُوجِبًا لِلْفَسَادِ مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ. وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ هُوَ الِانْعِقَادُ وَالْجَوَازُ إذَا لَمْ تُوضَعْ فِي الشَّرْعِ إلَّا لِذَلِكَ فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَثْبُتَ الْفَسَادُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ.

(قَوْلُهُ: وَلِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ) فَإِنْ قِيلَ: جَهَالَةُ الثَّمَنِ طَارِئَةٌ بِعَارِضِ الْخِيَارِ بَعْدَ صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ فَلَا تَمْنَعُ الْجَوَازَ كَمَا فِي بَيْعِ الْقِنِّ مَعَ الْمُدَبَّرِ أُجِيبُ بِأَنَّ حُكْمَ الْعَقْدِ لَمَّا انْعَدَمَ فِي مَحَلِّ الْخِيَارِ بِنَصٍّ قَائِمٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَهُوَ الْخِيَارُ لَزِمَ انْعِدَامُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِحُكْمِهِ فَصَارَ الْإِيجَابُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ فِي مَحَلِّ الْخِيَارِ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ كَمَا فِي بَيْعِ الْحُرِّ فَيَبْقَى الْإِيجَابُ فِي حَقِّ الْآخَرِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ مَعَ الْقِنِّ، فَإِنَّ الْإِيجَابَ تَنَاوَلَهُمَا، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْحُكْمُ فِيهِ لِضَرُورَةِ صِيَانَةِ حَقِّهِ لَا بِنَصٍّ قَائِمٍ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْحُكْمِ فِيهِ، وَالثَّابِتُ بِالضَّرُورَةِ لَا يَظْهَرُ حُكْمُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ فَيَبْقَى الْإِيجَابُ مُتَنَاوِلًا لَهُ فِيمَا وَرَاءَ هَذِهِ الضَّرُورَةِ كَذَا فِي شَرْحِ التَّقْوِيمِ وَقِيلَ: مَحَلُّ الْخِيَارِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ، فَيَصِيرُ الثَّمَنُ مَجْهُولًا مِنْ الِابْتِدَاءِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ، وَالْحُكْمِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لَهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، ثُمَّ يَخْرُجُ فَتَحْدُثُ جَهَالَةُ ثَمَنِ الْقِنِّ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْتَبَرْ هُنَا) إشَارَةٌ إلَى جَوَابِ سُؤَالٍ تَقْرِيرُهُ أَنَّ الْبَيْعَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>