للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَفْرَادِ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ إشَارَةٌ.

(إلَى هَذَا فَتَعَيَّنَ الِاسْتِغْرَاقُ، وَلِتَمَسُّكِهِمْ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» ) لَمَّا، وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخِلَافَةِ، وَقَالَ الْأَنْصَارُ مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ تَمَسَّكَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» ، وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ.

(وَلِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ قَالَ مَشَايِخُنَا هَذَا الْجَمْعُ) أَيْ الْجَمْعُ الْمُحَلَّى بِاللَّامِ (مَجَازٌ عَنْ الْجِنْسِ، وَتَبْطُلُ الْجَمْعِيَّةُ حَتَّى لَوْ حَلَفَ لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ يَحْنَثُ بِالْوَاحِدَةِ، وَيُرَادُ الْوَاحِدُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: ٦٠] ، وَلَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ، وَلِلْفُقَرَاءِ نُصِّفَ

ــ

[التلويح]

مَا يُفِيدُهُ الِاسْمُ بِدُونِ اللَّامِ، وَهَذَا مَمْنُوعٌ، وَلَوْ سَلِمَ فَمَنْقُوضٌ بِتَعْرِيفِ الْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ فَإِنَّ عَدَمَ الْفَائِدَةِ فِيهِ أَظْهَرُ لِأَنَّ دَلَالَةَ النَّكِرَةِ عَلَى حِصَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ أَظْهَرُ مِنْ دَلَالَتِهَا عَلَى نَفْسِ الْحَقِيقَةِ، وَلِهَذَا صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمَعْهُودَ الذِّهْنِيَّ فِي الْمَعْنَى كَالنَّكِرَةِ فَإِنْ قِيلَ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَهْدِيَّةُ فِي الذِّهْنِ فَيَتَمَيَّزُ عَنْ النَّكِرَةِ قُلْنَا، وَكَذَلِكَ يُعْتَبَرُ فِي تَعْرِيفِ الْمَاهِيَّةِ حُضُورُهَا فِي الذِّهْنِ، وَالْإِشَارَةُ إلَيْهَا لِيَتَمَيَّزَ عَنْ اسْمِ الْجِنْسِ النَّكِرَةِ مِثْلُ رَجَعَ رَجْعِيٌّ، وَرَجَعَ الرَّجْعِيُّ، وَبِالْجُمْلَةِ تَوَقَّفَ الْعَهْدُ الذِّهْنِيُّ عَلَى قَرِينَةِ الْبَعْضِيَّةِ، وَعَدَمِ الِاسْتِغْرَاقِ مِمَّا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا حَيْثُ مَثَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ لِتَعْرِيفِ الْمَاهِيَّةِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الِاسْتِغْرَاقِ بِنَحْوِ أَكَلْت الْخُبْزَ، وَشَرِبْت الْمَاءَ إذْ لَا نَعْنِي بِالْمَعْهُودِ الذِّهْنِيِّ إلَّا مِثْلَ ذَلِكَ مِمَّا تَدُلُّ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّهُ لِلْفَرْدِ دُونَ نَفْسِ الْحَقِيقَةِ، وَلِلْبَعْضِ دُونَ الْكُلِّ، وَلِلْمُبْهَمِ دُونَ الْمُعَيَّنِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا تَعْرِيفَ الْمَاهِيَّةِ فَلَيْتَ شِعْرِي مَا مَعْنَى الْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ الْمُقَدَّمِ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ، وَمَا اسْمُ تَعْرِيفِ الْمَاهِيَّةِ حَيْثُ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى الْأَفْرَادِ كَمَا فِي قَوْلِنَا الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ.

(قَوْلُهُ: وَلِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ) فَإِنْ قِيلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ قَدْ يَكُونُ خَاصًّا اسْمَ عَدَدٍ مِثْلُ عِنْدِي عَشْرَةٌ إلَّا وَاحِدًا، وَاسْمَ عَلَمٍ مِثْلُ كَسَوْت زَيْدًا إلَّا رَأْسَهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِثْلُ صُمْت هَذَا الشَّهْرَ إلَّا يَوْمَ كَذَا، وَأَكْرَمْت هَؤُلَاءِ الرِّجَالَ إلَّا زَيْدًا فَلَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ دَلِيلَ الْعُمُومِ أُجِيبَ عَنْهُ بِوُجُوهٍ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّوَرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَامًّا لَكِنَّهُ يَتَضَمَّنُ صِيغَةَ عُمُومٍ بِاعْتِبَارِهَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَهُوَ جَمْعٌ مُضَافٌ إلَى الْمَعْرِفَةِ أَيْ جَمِيعُ أَجْزَاءِ الْعَشَرَةِ، وَأَعْضَاءِ زَيْدٍ، وَأَيَّامِ هَذَا الشَّهْرِ، وَآحَادِ هَذَا الْجَمْعِ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مُتَعَدِّدٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ دَلِيلُ الْعُمُومِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَّصِلِ يَجِبُ أَنْ يَشْتَمِلَ الْمُسْتَثْنَى، وَغَيْرَهُ بِحَسَبِ الدَّلَالَةِ لِيَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ لِإِخْرَاجِهِ، وَمَنْعِهِ عَنْ الدُّخُولِ تَحْتَ الْحُكْمِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اعْتِبَارِ التَّعَدُّدِ فَإِنْ كَانَ مَحْصُورًا شَامِلًا لِلْمُسْتَثْنَى شُمُولَ الْعَشَرَةِ لِلْوَاحِدِ، وَزَيْدٍ لِلرَّأْسِ، وَالشَّهْرِ لِلْيَوْمِ، وَالْجَمَاعَةِ الَّتِي فِيهِمْ زَيْدٌ لِزَيْدٍ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِغْرَاقِهِ لِيَتَنَاوَلَ الْمُسْتَثْنَى، وَغَيْرَهُ فَيَصِحُّ إخْرَاجُهُ. الثَّالِثُ: أَنَّ الْمُرَادَ اسْتِثْنَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>