للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفات العباد ومدادهم غير مخلوق)) (١) .

ومما يدل على أن التلاوة فعل التالي، وأنها غير المتلو: قوله تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ {٩١} وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ} (٢) ، أي: وأمرت أن أتلو القرآن.

وقوله تعالى: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ} (٣) وغير ذلك من الآيات، فقد أمر الله عبده ورسوله بالتلاوة، كما أمره بالعبادة، فدل ذلك على أن التلاوة من العبادة التي يفعلها العبد، وتضاف إليه فعلاً له، ويثاب عليها، والأدلة على أن التلاوة غير المتلو كثيرة، قد ذكر المؤلف – رحمه الله – جملة كبيرة منها في كتابه: ((خلق أفعال العباد)) بالإضافة إلى ما ذكره في هذا الكتاب.

فمن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((زينوا القرآن بأصواتكم (٤) وتقدم.

وحديث البراء عن عازب: سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يقرأ في العشاء بالتين والزيتون، فما سمعت أحداً أحسن صوتاً، أو قراءة منه)) .

فالقارئ يكون حسن الصوت وقبيح الصوت؛ لأنه فعله، وقد جعل الله اختلاف ألسنة الناس وألوانهم من الآيات الدالة عليه – تعالى – وعلى وجوب عبادته وحده، ولهذا اتفق العلماء على أنه لا يجوز الحلف بكلام أحد من الخلق؛ لأنه لا يجوز الحلف بالمخلوق، وكلامهم مخلوق.

قال البخاري – رحمه الله تعالى -: ((وليس لأحد أن يحلف بالمخلوقين، ولا بأعمالهم ولا بكلامهم، ولا كلام الكفار والمنافقين، ولا بقول إبليس.


(١) ((مجموع الفتاوى)) (١٢/٧١-٧٥) ملخصاً.
(٢) الآيتان ٩١، ٩٢ من سورة النمل.
(٣) الآية ٢٧ من سورة الكهف.
(٤) رواه البخاري في ((خلق أفعال العباد)) (ص١٥٩-١٦٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>