وقوله في الحديث:((فكل من يدخل الجنة يدخلها على صورة آدم)) صريح في أنه أراد صورة آدم المخلوقة، لا المقدرة.
وتسمية ما قدر ((صورة)) ليس له أصل في كلام الله وكلام رسوله – صلى الله عليه وسلم.
وإن كان بعض المتأخرين يقول: لفلان عند فلان صورة عظيمة، وهذا الأمر مصور في نفسي، لكن مثل هذا لا يجوز أن يحمل عليه كلام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولا خطابه لأمته، لأنه ليس من لغته)) (١) .
وأما قوله: المراد من الصورة الصفة، كما بيناه، فيكون المعنى: أن آدم امتاز عن سائر الأشخاص والأجسام بكونه عالماً بالمعقولات، قادراً على استنباط الحرف والصناعات، وهذه صفات شريفة مناسبة لصفات الله من بعض الوجوه، فصح قوله: إن الله خلق آدم على صورته على هذا التأويل.
فالكلام عليه من وجوه:
أحدهما: أنه تقدم أن لفظ الصفة، سواء عني به القول الذي يوصف به الشيء، وما يدخل في ذلك من المثال العلمي الذهني، أو أريد به المعاني القائمة بالموصوف، فإن لفظ الصورة لا يجوز أن يقتصر به على ذلك، بل لا يكون لفظ الصورة إلا لصورة موجودة في الخارج، أو لما يطابقها من العلم والقول، وذلك المطابق يسمى صفة, ويسمى صورة.
وأما الحقيقة الخارجية، فلا تسمى: صفة, كما أن المعاني القائمة بالموصوف لا تسمى وحدها: صورة.
وإذا كان كذلك، فقوله:((على صورته)) لا بد أن يدل على الصورة الموجودة في الخارج، القائمة بنفسها، التي ليست مجرد المعاني القائمة بها، من العلم والقدرة, وإن كان لتلك [المعاني] صورة، وصفة ذهنية؛ إذ