وجود هذه الصورة الذهنية مستلزم لوجود [الصورة الخارجية] وإلا [كانت الصورة الذهنية] جهلاً لا علماً.
فسواء عنى بالصورة، الصورة الخارجية، أو العلمية، لا يجوز أن يراد به مجرد المعنى القائم بالذات، والمثال العلمي المطابق لذلك.
الوجه الثاني: أن قوله: إن آدم امتاز عن سائر الأشخاص والأجسام بالعلم والقدرة، إن أراد به امتيازه عن بنيه، فليس كذلك، وإن أراد امتيازه عن الملائكة والجن، فهو لم يتميز بنفس العلم والقدرة، فإن الملائكة قد تعلم ما لا يعلمه آدم، كما أنها تقدر على ما لا يقدر عليه؛ وإن كان علمه الله ما لم تكن الملائكة تعلمه.
فقد ثبت باتفاق الطوائف، أن آدم لم يخلق على صفة من العلم والقدرة امتاز بها عن سائر الأشخاص والأجسام، بل فيها من كان امتيازه عن آدم بالعلم والقدرة أكثر.
الوجه الثالث: أن يقال: المشاركة في بعض الصفات، واللوازم البعيدة، إما أن يصحح قول القائل: إن الله خلق آدم على صورة الله، أو لا يصحح ذلك، فإن لم يصحح ذلك، بطل قولك.
وإن كانت تلك المشاركة تصحح هذا الإطلاق، جاز أن يقال: إن الله خلق كل ملك من الملائكة على صورته، بل خلق كل حي على صورته؛ إذ ما من شيء من الأشياء، إلا وهو يشاركه في بعض اللوازم البعيدة، كالوجود، والقيام بالنفس، وحمل الصفات.
فعلى هذا يصح أن يقال في كل جسم وجوهر: أن الله خلقه على صورته.