وما ذكره الحافظ في شرح هذا الحديث من كلام أهل التأويل فإن كل من آمن بأن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بلغ ما أرسل به البلاغ المبين وآمن بأنه - صلى الله عليه وسلم - أفصح الناس، وأقدرهم على البيان، وأنصحهم للخلق، من آمن بهذا علم أن ما ذكره كله باطل، وتغبير في وجه الحق، وزبد يذهب جفاء أمام نور النبوة.
فقوله: إن الذين حملوه على ظاهره وحقيقته هم المشبهة.
يقال له: بل الذين حملوه على ظاهره وحقيقته هم الصحابة عموماً وأتباعهم إلى يوم الدين، ولا تستطيع أن تأتي بكلمة واحدة عن الرسول، أو عن أصحابه، تؤيد قول أهل التحريف الذين يسمون أنفسهم أهل السُّنَّة.
قال شيخ الإسلام:((والصواب أن جميع هذه التأويلات مبتدعة، لم يقل أحد من الصحابة شيئاً منها، ولا أحد من التابعين لهم بإحسان، وهي خلاف المعروف المتواتر عن أئمة السُّنَّة والحديث أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السُّنَّة، ولكن بعض الخائضين بالتأويلات الفاسدة، يتشبث بألفاظ تنقل عن بعض الأئمة، وتكون إما غلطاً، أو محرفة، كقول الأوزاعي في النزول: ((يفعل الله ما يشاء)) فسره بعضهم بأن النزول مفعول مخلوق، وليس الأمر كذلك)) (١) .
وقال أبو عثمان الأنصاري: ((ويثبت أصحاب الحديث نزول الرب – سبحانه وتعالى – كل ليلة إلى السماء الدنيا، من غير تشبيه له بنزول المخلوقين، ولا تمثيل ولا تكييف، بل يثبتون ما أثبته رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وينتهون فيه إليه، ويمرون الخبر الصحيح الوارد بذكره على ظاهره، ويكلون علمه إلى الله، وكذلك يثبتون ما أنزله الله – عز اسمه – في كتابه من ذكر المجيء والإتيان المذكورين