للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في قوله – عز وجل -: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ (١) } .

وقوله – تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالمَلَكُ صَفَّا صَفَّا} نؤمن بذلك كله على ما جاء بلا كيف، فلو شاء أن يبين لنا كيفية ذلك لفعل، فانتهينا إلى ما أحكمه، وكففنا عن الذي يتشابه.

ثم روى بسنده عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، قال: قال لي الأمير عبد الله ابن طاهر: يا أبا يعقوب، هذا الحديث الذي تروونه عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ((ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا)) كيف ينزل؟ قال: قلت أعز الله الأمير: لا يقال لأمر الرب: كيف، إنما ينزل بلا كيف.

ثم روى عن أحمد بن سعيد الرياطي، قال: حضرت مجلس الأمير عبد الله بن طاهر، ذات يوم، وحضر إسحاق بن راهويه، فسئل عن حديث النزول، أصحيح هو؟ قال: نعم. فقال له بعض قواد عبد الله: يا أبا يعقوب، أتزعم أن الله ينزل كل ليلة؟ قال: نعم. قال: كيف ينزل؟ فقال له إسحاق: أثبته فوق، حتى أصف لك النزول، فقال الرجل: أثبته فوق؟!

فقال إسحاق: قال الله – عز وجل -: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالمَلَكُ صَفَّا صَفَّا} ، فقال الأمير عبد الله: يا أبا يعقوب، هذا يوم القيامة، فقال إسحاق: أعز الله الأمير، ومن يجيء يوم القيامة من يمنعه اليوم؟ (٢) .

وقوله: ((ويكلون علمه إلى الله)) يعني: علم الكيفية، لا يبحث فيها؛ لأن الكيفية تتوقف على المشاهدة، والله تعالى لا يُرى في الدنيا، وكذا قول إسحاق بن راهويه: ((إنما ينزل بلا كيف)) ، يعني: بلا كيف يعلمه العباد، وإلا ففي


(١) الآية ٢١٠ من سورة البقرة.
(٢) ((عقيدة أصحاب الحديث)) ، ((مجموعة الرسائل المنيرية)) (١/١١٢) ملخصاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>