للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقة الأمر له كيف يعلمه الله – تعالى -.

قال أبو سعيد الدارمي – رحمه الله -: ((فمن ما يعتبر به من كتاب الله – عز وجل – في النزول، ويحتج به على من أنكره: قوله – تعالى -: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ (١) } ، وقوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالمَلَكُ صَفَّا صَفَّا} ، وهذا يوم القيامة، فالذي يقدر على النزول يوم القيامة من السماوات كلها، للفصل بين عباده، قادر أن ينزل كل ليلة من سماء إلى سماء.

فإن ردوا قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في النزول، فماذا يصنعون بقول الله – عز وجل -؟)) (٢) .

ثم ذكر بعض أحاديث النزول، ثم قال: ((فهذه الأحاديث قد جاءت كلها – وأكثر منها – في نزول الرب – تبارك وتعالى – وعلى تصديقها والإيمان بها أدركنا أهل الفقه والبصر من مشايخنا، لا ينكرها منهم أحد، ولا يمتنع من روايتها، حتى ظهرت هذه العصابة، فعارضت آثار رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بردها، وتشمروا لدفعها بجد، فقالوا: كيف نزوله؟ قلنا: لم نكلف كيفية نزوله في ديننا، ولا تعقله قلوبنا، وليس كمثله شيء من خلقه فنشبه منه فعلاً أو صفة بفعالهم وصفتهم، ولكن ينزل بقدرته، ولطف ربوبيته، كيف يشاء.

فالكيف منه غير معقول، والإيمان بقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في نزوله واجب، ولا يُسأل الرب عما يفعل، وكيف يفعل، وهم يُسألون؛ لأنه القادر على ما يشاء، وإنما يقال لفعل المخلوق الضعيف، الذي لا قدرة له إلا ما أقدره الله – تعالى – عليه: كيف يصنع، وكيف قدر.


(١) الآية ٢١٠ من سورة البقرة.
(٢) ((رد عثمان بن سعيد على الجهمية)) (ص٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>