للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قد آمنتم باستواء الرب على عرشه، وارتفاعه فوق السماء السابعة بدءاً إذ خلقها، كإيمان المؤمنين به، لقلنا لكم: ليس نزوله من سماء إلى سماء بأشد عليه ولا أعجب من استوائه عليها إذ خلقها بدءاً، فكما قدر على الأولى كيف يشاء يقدر على الأخرى كيف يشاء.

وليس قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في نزوله بأعجب من قول الله – تبارك وتعالى -: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ (١) } .

وقوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالمَلَكُ صَفَّا صَفَّا} (٢) فلما قدر على هذا يقدر على ذاك، فهذا الناطق من قول الله – عز وجل -، وذاك المحفوظ من قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بأخبار ليس عليها غبار.

فإن كنتم من عباد الله المؤمنين لزمكم الإيمان بها كما آمن بها المؤمنون، وإلا فصرحوا بما تضمرون، ودعوا هذه الأغلوطات، التي تلوون بها ألسنتكم، فلئن كان أهل الجهل في شك من أمركم، فإن أهل العلم من أمركم لعلى يقين)) (٣) .

وقال أبو عمرو الطلمنكي: ((أجمعوا – يعني: أهل السُّنَّة والجماعة – على أن الله يأتي يوم القيامة، والملائكة صفاً صفاً؛ لحساب الأمم وعرضها، كما يشاء وكيف يشاء، قال تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ (٤) } ، وقال تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالمَلَكُ صَفَّا صَفَّا} (٥) وأجمعوا على أن الله ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا، على ما أتت


(١) الآية ٢١٠ من سورة البقرة.
(٢) الآية ٢٢ من سورة الفجر.
(٣) ((الرد على الجهمية)) لعثمان بن سعيد الدارمي (ص٧٩-٨٠) .
(٤) الآية ٢١٠ من سورة البقرة.
(٥) الآية ٢٢ من سورة الفجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>