للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به الآثار، كيف يشاء لا يجدون في ذا شيئاً)) (١) .

ولا يعرف عن السلف وأهل العلم المقتدى بهم من أنكر النزول، أو تأوله، فإنه مثل صفات الله الأخرى، كالاستواء والمجيء، والرضا، والغضب، بل والخلق، والرزق، والإحياء والإماتة، فمن آمن بشيء من ذلك لزمه الإيمان بالباقي؛ لأن الباب واحد، ولا يجوز فيه قياس أو تمثيل، تعالى الله عن قول أهل الباطل من المحرفين بالتأويلات الفاسدة، والمعطلين.

وما ذكره الحافظ في شرحه لهذا الحديث عن البيضاوي من قوله:

((لما ثبت بالقواطع أنه سبحانه منزه عن الجسمية، والتحيز، امتنع عليه النزول، على معنى الانتقال من موضع إلى موضع أخفض منه.

فالمراد: نور رحمته، أي: ينتقل من مقتضى صفة الجلال التي تقتضي الغضب والانتقام، إلى مقتضى صفة الإكرام التي تقتضي الرأفة والرحمة)) (٢) .

فهذا من كلام أهل البدع الذين اعتاضوا عن كلام الله ورسوله بنحاتة أفكار أهل الاعتزال، والتجهم، الذين لم يعرفوا من أوصاف الله – تعالى – إلا ما يعرفونه من أنفسهم، فقاسوا نزول الله، واستواءه على عرشه، ومجيئه يوم القيامة، على نزولهم من أعلى إلى أسفل، واستوائهم على ما هو مرتفع، ومجيئهم من مكان إلى آخر.

ولهذا قال: منزه عن الجسمية، والتحيز؛ لأنه اعتقد أن هذه الصفات لا تثبت إلا للجسم، والمتحيز، مع أن الجسمية والتحيز من الألفاظ المجملة


(١) ((مجموع الفتاوى)) (٥/٥٧٨) .
(٢) ((الفتح)) (٣/٣١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>