للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود: الثناء على المؤمنين الذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر غيره، ومثل ذلك الابتعاد عن القول بأن شيئاً من أوصاف الله وأفعاله يكون مثل أوصاف المخلوقين وأفعالهم، تعالى الله وتقدس.

فمن ابتعد عن الشرك كله بأنواعه، فهو المستحق لثناء الله، وهو عبد الله المستوجب لوعده بقوله: {أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا {٧٥} خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} (١) .

ولكون الشرك يقع من الناس كثيراً، وأكثرهم يجهل أنواعه، ذكر قول عكرمة: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ} .

{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقهُمَ} ، و {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ} ، فذلك إيمانكم، وهم يعبدون غيره)) . يعني: أن إيمانهم هو إقرارهم بتوحيد الربوبية، وعلمهم بأن الله هو المتفرد بالخلق.

روى ابن جرير، عن عكرمة، في قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ} قال: هو قول الله – تعالى - {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} ، فإذا سئلوا عن الله، وعن صفته، وصفوه بغير صفته، وجعلوا له ولداً، وأشركوا به)) (٢) .

قوله: ((وما ذكر في خلق أفعال العباد وأكسابهم)) يعني: أن أفعالهم، وأكسابهم مخلوقة لله – تعالى -، وإن كانت فعلاً لهم حقيقة، ولا فرق بين الفعل، والكسب، كما قال – تعالى -: {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَت} فالكسب هو العمل.

والذين يجعلون أفعال العباد وأكسابهم فعلاً لله – تعالى – مشركون؛


(١) الآيتان ٧٥، ٧٦ من سورة الفرقان.
(٢) انظر ((تفسير الطبري)) (١٦/٢٨٧) . تحقيق محمود شاكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>