جلّ حتى دقّ فيه الأجلُّ "فإن الأعرابي لا يكاد يتغلغل إلى مثل هذا". وردّ عليه أبو محمد الأعرابي الغندجاني، ثم نقل عن شيخه أبي الندى أنه احتجّ على كون الشعر مولّداً بأنه ذكر فيه سَلعاً وهو بالمدينة، وإنما قتل تأبط شراً في بلاد هذيل. (إصلاح ما غلط فيه النمري: ١٠٩) وقول أبي محمد مردود فإنّ سلعاً جبل في بلاد هذيل أيضاً وقد ذكره البرَيق الهذلي في شعره (البلدان ٣: ٢٣٧). والقصيدة في التيجان: ٢٤٦، وشرح الحماسة للمرزوقي: ٢٧٣ والتبريزي ٢: ١٦١ - ١٦٤ وأشباه الخالديين ٢: ١١٣ - ١١٤، والبيت وحده في اللسان (زلل). وقد نشر الأستاذ محمود شاكر مقالة نفيسة عن هذه القصيدة في مجلة المجلة في نحو ١٢٧ صفحة بعنوان "نمط صعب ونمط مخيف"، استوعب فيها الكلام على نسبة القصيدة وبحرها، وأفصح عن المنهج الصحيح لدراسة الشعر الجاهلي، ثم شرح القصيدة شرحاً لا نظير له. أما نسبة القصيدة، فقد "قطعت جهيزة قول كل خطيب". وخلاصة بحثه أنها قصيدة جاهلية محضة، والراجح أنها لابن أخت تأبط شرا، ولا يصح قطعاً أن يكون شيء منها لخلف الأحمر. وأحبّ أن أنقل هنا من أواخر كلامه لخطورة القضية، ولاغترار الناس بما تناقلته الكتب من غير تمحيص، ولأن البحث المشار إليه لم يُنشر كتاباً برأسه، فلم يقف عليه كثير من الباحثين. يقول الأستاذ محمود شاكر: " ... ومحمد بن سلام في كتاب طبقات فحول الشعراء (ص: ٤٠) قد أوضح هذه القضية كلّ الإيضاح، فقال، وذكر المنحول من الشعر: "وليس يشكل على أهل العلم زيادة الرواة ولا ما وضعوا، ولا ما وضع المولدون. إنما عضل بهم أن يقول الرجل من أصل البادية من ولد الشعراء، أو الرجل ليس من ولدهم، فيشكل ذلك بعض الإشكال". وإذن، فما وضعه الرواة، أو معاصروهم، من شعر قالوه هم، ثم نسبوه إلى شعراء الجاهلية، ليس مما يشكل على أهل العلم تمييزه، مهما بلغ من إتقان الرواية فيما صنع من الشعر. وهذه قضية يصححها العقل بالتأمل، ولا يمكن أن يؤتى عالم بالشعر من هذه الناحية، إلاّ إذا كان غير حقيق بعلمه. أفتظن بعد هذا، أنه ممكن أن يضع خلَف شعراً مصنوعاً، ثم ينسبه إلى جاهلي، وبينهما نحو مائتي سنة، مع شدة اختلاف النشأة، =