للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي حديث الدجّال: "إنَّ رأسه حُبُكٌ حُبُكٌ" (١)

والسحاب يوصف بذلك، فإن الحُبُكَ فيه تجعّد قطعاتِه مثل الموج المزبِد المتراكم أو كسَبائِب القطن (٢). قال امرؤ القيس يصف القصور الشامخات المكلَّلَة بالسحب:

تُلاعِبُ أولادَ الْوُعُولِ رِبَاعُها ... دُوَينَ السَّماءِ فِي رُؤوسِ المجَادلِ

مُكَلَّلَةً حمراءَ ذاتَ أسرّةٍ ... لَها حُبُكٌ كأنَّها مِنْ وَصَائِلِ (٣)

أي مكللة بسحب حمراء ذات طرائق (٤). وهذا وصف سحاب الشتاء من جهة لونه وقطعاته (٥). قالت الخنساء تصف السحاب الشتوي (٦):


(١) رواه هشام بن عامر. انظر المسند ٤: ٢٠، ٥: ٣٧٢ وانظر النهاية ١: ٣٣٢ واللسان (حبك) وفي الأصل والمطبوعة: "شعره" مكان "رأسه" والتصحيح من المسند. ولفظه: "إن رأس الدجال من ورائه حبك حبك" وفي موضع آخر: "إن رأسه من بعده حبك حبك".
(٢) السبائب: جمع السَّبيبة وهي الشُّقَّةُ الرقيقة من الكتّان وغيره.
(٣) البيتان من قصيدة له في ديوانه: ٩٦ ويمدح بها جاريةَ بن مُرّ الثُّعلِي وبني ثُعَل ويهجو خالد بن أصمع النبهاني الذي عجز عن حمايته. وصلة البيت قبله:
تَبيتُ لَبُوني بالْقُرَيةِ أُمَّناً ... وَأسْرَحُها غِبّاً بأكنافِ حَائلِ
بَنُو ثُعَلِ جِيرَانُها وَحُماتُها ... وتُمنع مِنْ رُمَاة سَعْدٍ ونائلِ
المجَادِلُ: القصور. وقال الشارحون: إنه أراد به الجبال المرتفعة المنيعة. مُكللةً: يعني رؤوس المجادل. حمراء: أي سحابة حمراء. ذات أسرة: قال الشارحون إنها وما بعدها صفة للمكللة. وقال الفراهي يعلق على شرح البطليوسى في نسخته: ١٤٩ "ذات أسرَّة" و "لها حبك كأنها من حبائل" [وهي رواية أخرى - المحقق] و "حمراءُ" كلها صفة للسحاب. انتهى وهذا المعنى عند الأعلم أقرب وأشبه. وانظر تعليقات المؤلف التفسيرية: ٤٢٤. وصائل: ضرب من الثياب الحمر المخططة.
(٤) "أي ... طرائق" ساقط من المطبوعة.
(٥) ونحوه قول ابنة وثيمة ترثي أباها:
ويكون مِدْرهَنا إذا ... نزلت مجلِّحةٌ عظيمهْ
واحمرّ آفاق السما ... ء ولم تقع في الأرض ديمهْ
قال الجاحظ: أي اشتد البرد وقلّ المطر وكثر القحط (البيان ١:١٨٣).
(٦) الأبيات من قصيدة لها في أنيس الجلساء: ٦٠ - ٦٢ وصلة الأبيات قبلها: =

<<  <   >  >>