للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء أوضح من ذلك حيث قال تعالى بعد ذكر ما قضى من أصول الدين:

{ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ} (١).

وقال تعالى في صفة عيسى عليه السلام:

{وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} (٢).

فسمى التوراة "كتاباً"، لأن معظمها الأحكام، والإنجيلَ "حكمة" لما كثر فيه الدلائل والمواعظ، كما قال تعالى:

{وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} (٣).

فكان الإنجيل مشتملاً على هدى ونور، وهدى وموعظة، وعلى قليل من الأحكام وتصديق التوراة. ولغلبة الأمر الأول سمي "حكمة". ويؤيد هذا التأويل قوله تعالى:

{وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ} (٤).

فاتضح أن تأويل "الحكمة" إلى الأَحاديث غير صحيح، وأن اسمَ "الكتاب" إذا يُتبَع بالحكمةِ (٥) فالمراد منه الأحكام. فلا تنسَ هذا الفرق.

رجعنا إلى بيان معنى "الحكم"، فاعلم أنه أيضاً مثل "الحكمة" يُطلق على القولِ المشتملِ على القضاء الحقِ الواضحِ الذىِ قُضي بالعلم. وهذا من


(١) سورة الإسراء، الآية: ٣٩.
(٢) سورة المائدة، الآية: ١١٥. وكتب المؤلف رقم ١ تحت الكتاب والتوراة ورقم ٢ تحت الحكمة والإنجيل.
(٣) سورة المائدة، الآية: ٤٦.
(٤) سورة الزخرف، الآية: ٦٣.
(٥) في المطبوعة: "قُرِنَ بالحكمة".

<<  <   >  >>